هكذا استخدم الدين المسيحي في أمريكا لتبرير العبودية والتمييز

سبت, 06/13/2020 - 14:40

أثار مشهد حمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإنجيل أمام كنيسة بواشنطن، أثناء تلويحه باللجوء إلى القوة العسكرية ضد المحتجين على العنصرية، جدلا واسعا في الولايات المتحدة، وطرح تساؤلات حول استخدام الغرب للمسيحية لتبرير التمييز العرقي في الوقت الحالي، ولشرعنة العبودية في القرون السابقة.

ورغم استنكار قادة مسيحيين لخطوة ترامب، إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن الأخير جاء بأصوات الإنجيليين البيض المحافظين بالدرجة الأولى، وهم يشكلون 26 بالمئة ممن يحق لهم التصويت في البلاد، إضافة لكونهم "الأكثر تدينا" مقارنة بنظرائهم من أتباع الكنائس الأخرى، بواقع 64 بالمئة مقابل 35 بالمئة فقط، بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، اطلعت عليه "عربي21".

وبحسب إحصاء حديث لمعهد "بيو" للأبحاث، رأى 81 بالمئة من الإنجيليين البروتستانت البيض أن ترامب "يحارب من أجل ما يؤمنون به"، رغم إثارته للجدل مرارا بشأن مواقفه من الأقليات والمهاجرين والديانات الأخرى، بل وعلى صعيد ممارساته الشخصية.

ومنذ مقتل الأمريكي الأسود "جورج فلويد"، في 25 أيار/ مايو الماضي، تعرض ترامب للكثير من الانتقادات إزاء إدارته للأزمة، ولا سيما تركيزه على وصم المتظاهرين بـ"المخربين" و"الإرهابيين المحليين" على حساب معالجة السبب الأصلي لنزولهم إلى الشوارع، وهو "العنصرية المتجذرة" في مؤسسات الدولة.

واعتبرت عدة تقارير تناولت هذا المشهد أن "قراءات" خاصة للإنجيل والمسيحية، فضلا عن موروثات "العهد القديم"، أي التوراة لدى اليهود، تساهم في خلق تلك الشخصية "المحافظة والعنصرية" في آن واحد، كما ساهمت قبل قرون في تبرير الاستعباد.

وقبيل حادثة مقتل فلويد، وتحديدا في 12 أيار/ مايو الماضي، نشر "توم ميرتنز"، المدير الأسبق لمجلس الأمن القومي الأمريكي، مقالا بعنوان "الإنجيليون هم من يمكّنون ترامب وأفعاله الشريرة"، أشار فيه إلى تصريح للقس "إريك أتشيسون"، قال فيه "إن الكنائس البيضاء بحاجة إلى الاعتراف بتواطؤ المسيحية في تبرير سياسات مثل الإبادة الجماعية والعبودية".

وأشار "ميرتنز" في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى العديد من الشواهد على دعم معظم الكنائس المسيحية للعبودية، وخاصة في الولايات الجنوبية، "مستخدمة بعض النصوص الموجودة في الكتاب المقدس".

واستغرق الأمر أكثر من قرن حتى اعتذرت بعض الكنائس في الجنوب عن دورها في الترويج للعبودية، وحدث ذلك عام 1995 ومرة أخرى عام 2018، مصحوبا باعتراف من 71 صفحة.

وحتى بعد انتهاء العبودية رسميا، فإن الحركات العنصرية البيضاء في القرن العشرين، وأبرزها مجموعات "كو كلوكس كلان"، المعروفة اختصارا بـ"KKK"، واصلت الاستناد إلى الدين في تبرير كراهية السود والمسلمين واليهود وغيرهم. وجلّ المؤمنين بتلك الأفكار اليوم هم من أنصار ترامب والمروجين له، بحسب "ميرتنز".

ويشير عدة مؤرخين إلى تواصل تاريخي، لم يبدأ بالحروب الصليبية التي أطلقتها روما ضد المسلمين والكنائس المنفصلة عنها، مرورا بمحاكم التفتيش وحركة الاستعباد، وصولا إلى معاداة السامية والعنصرية والإسلاموفوبيا.

ويلفت الكاتب إلى تحذير شهير أطلقه الرئيس الثاني للولايات المتحدة، "جون آدامز"، عندما قال إن المسيحيين الإنجيليين، ما لم يضبطهم القانون، فسيعمدون إلى "جلد وتقطيع وشواء" البشر، "كما فعلوا ذلك طوال تاريخ أوروبا"، متجاهلين في المقابل دعوات "المسيح" إلى العدالة والتسامح.

 وقال تقرير للباحثين في الدراسات الإنجيلية، سميرة مهتا وصمويل بويد، إن النصوص الدينية المسيحية استخدمت في اتجاهين، الأول تبرير العنف في مواجهة الظلم، والثاني لبسط السيطرة والسيادة.

ويشير التقرير إلى أن  "جيف سيشنز"، النائب العام الأمريكي السابق، على سبيل المثال، اقتبس من الإنجيل عندما ادعى أن تطبيق إصلاحات الهجرة الصارمة يأتي في إطار ترسيخ سيادة القانون، مشيرا إلى رسالة "بولس" لأهل رومية التي جاء فيها: "لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله، حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة".