
الحقيقة / أنواكشوط / فى الفترات الماضية تأتى الأوامر للمفتشية العامة للدولة او لمحكمة الحسابات او للمفتشية العامة للمالية بتفتيش مؤسسة او قطاع وزاري ما، انطلاقا من مسلمات معروفة يدركها الجميع، سأحاول هنا ان اجملها فى نقطتين أو ثلاثة لكي لا اطيل: 1- الولاء السياسى للنظام الحاكم بمعنى انك اذا لم تكن مواليا للرئيس مجاهرا بذلك و محتميا بأحد أفراد أسرته أو المقربين منه فأنت لا تستحق منصب ويجب تكيف تهمة فساد ضدك . 2- الاستعداد لدفع ثمن ذالك الولاء حتى ولو كلفك توقيع اشياء لست مقتنعا بها ومنح صفقات لجهات وأفراد محددين لا يمكن أن ترفض لهم طلب، فبمجرد تردد ك ولو قليلا لمنح احدهم صفقة او خدمة غير مستحق لها فان ذلك يعد استقالة مكتوبة من منصبك . 3- سرعة الفهم والإدراك لما يمبغى عليك فعله بأوامر شفهية وإياك ان تتعلل باستلام اوامر مكتوبه فيكفي فقط انها اوامر عليا، ولكنك اذا استطعت ايجاد تبرير مقنع لتلك الصفقة أو الخدمة فإنك تستحق الترقية. هذه امثلة محدودة من الحالات التى تعطى فيها أوامر بالتفتيش لمؤسسات الرقابة المالية، و التى يملى عليها سنويا برنامج عملها، الذى لايراعى أهمية القطاع المفتش من حيث مستوى التمويل ولا المردودية الاقتصادية والاجتماعية على البلد ولا حتى دورية التفتيش، بحيث يمكن أن تجد مؤسسة هامة لم تمر بها مؤسسات الرقابة منذو عدة سنوات بينما تم تفتيش مؤسسة أخرى عشر مرات خلال نفس الفترة، قد لا تتجاوز ميزانيتها 20 مليون أوقية قديمة. لكن الأمر الأصعب من هذا كله هو ان تقارير التفتيش فى الغالب لا تؤخذ فى عين الاعتبار فقد يثنى التقرير على شخص ويشيد بنزاهته ووطنيته ويكون ذالك مدعاة لمعاقبته، وقد يكون العكس فيكون ذالك مبررا لتقريبه وترقيته. أليس من الاولى تسمية مثل هذ النوع من الابتزاز تصفية حسابات وسوء استغلال للسلطة -وهو ماتم بموجبه عزل وتوريط الكثير من الأبرياء و بعض صغار المفسدين وتبرئة البعض رغم ضلوعهم فى عمليات فساد يندى لها الجبين،- بدلا من التهجم على لجنة بر لمانية نص عليها الدستور منتخبة تضم فى عضويتها نواب يشهد لهم الجميع بالصدق والكفاءة والوطنية من محامين وأساتذة جامعيين وإداريين ، يتصرفون بمحض إرادتهم دون تدخل من السلطة فى عمل هذه المؤسسة الاهم من بين مؤسسات الرقابة، وفى ملفات يتجاوز تقدير حجم الفساد فيها حجم الناتج الوطنى الخام وحجم ميزانية الدولة لمدة ثلاث سنوات.
د. خطاري ولد بيه