
قبل الدخول في الموضوع صنفان من الناس لا أرى أنهما يخدمان الوطن:
صنف يريد أن يجعل من سنة من مأمورية رئيس الجمهورية مناسبة للبرهنة على أنه لم يقدم شيئا أو على أن حكومته فاشلة.. كل همه هو تتفيه هذا النظام وكل ما يصدر عنه...
وصنف يريد أن يجعل منها مناسبة للتزلف للرئيس، والقول بأن كل شيء صار على أحسن ما يرام.. كل همه هو تملق هذا النظام وكل ما يقوم به.. فالوطن في الحقيقة ما دمره إلا هذان الصنفان من الناس.. بينما هو بحاجة إلى مراقبين موضوعيين يقيمون هذه السنة بكل تجرد...
أما رأيي الشخصي عن هذه السنة فيتلخص بإجمال سأعود إلى تفصيله لاحقا في:
- أن إرادة الإصلاح كانت حقيقية أما ممارسته فما زالت دون المستوى.
- أن هناك تفاوتا كبيرا بين نظرة الناس الإجماعية لرئيس الجمهورية وثقتهم فيه ونظرتهم لنظامه، وهذه مفارقة خاصة بهذا البلد.
- أن هذه السنة تأثرت بأمور منها الوضع الصعب الذي وجد فيه الرئيس البلد والاستنزاف الكبير للوقت وللطاقات الذي أدت إليه جائحة كورونا.
- أن الحكومة رغم أنها تحت قيادة إحدى الكفاءات الوطنية ورغم أن الرئيس منحها سلطاتها كاملة لم تستطع أن تخرج حتى الآن عن الإطار النظري إلى الإنجازات الملموسة إذا استثنينا إنجازات قليلة الصدى الإعلامي هنا وهناك.
- أن الحياة السياسية للبلد تعيش ركودا قويا مع أن الأزمة السياسية المتجذرة في البلد منذ عقود بتشعباتها الحزبية والأيديولوجية والعرقية هي أم الأزمات الحالية، وما لم توجد لها وسيلة لاحتوائها فستتحول مع الوقت - وقد بدأت فعلا في التحول- من أزمة ناتجة عن عدم إيجاد وسيلة لتقاسم آلية انتخابية شفافة يمكنها أن تسمح بالتداول السلمي على السلطة إلى أزمة ناتجة عن عدم إيجاد وسيلة تسمح بتقاسم المناصب والسلطة والثروة بين الأعراق والشرائح المختلفة للمجتمع الموريتاني لأن الوضعية الأولى التي حطمت الأنظمة السابقة أي أمل للمعارضة في تحقيقها تسببت مع مرور الزمن في بروز بوادر هذه الوضعية الجديدة التي لا يمكن لرئيس لم يدرس بعمق المعارضة الموريتانية وأطوارها المختلفة والمشاريع السياسية التي تعبر عنها من الداخل أن يفهمها، وقد لا يشعر بها إلا بعد فوات الأوان.
- أن الحياة الاقتصادية والاجتماعية تتطلب ثورة واعية في نظام أخلاق ممارسة الحكم وتسيير الدولة وإعادة ترتيب الأولويات، وهذه الثورة تتطلب بدورها عقلية جديدة غير العقلية التي تحكم بها موريتانيا حاليا منذ عقود.
- أن الرئيس يفتقر إلى مساعدين يملكون النظرة المتسقة مع الواقع، والرؤية الضرورية لتنفيذ برنامجه الانتخابي فأكثر عمل الحكومة ووكالة تآزر وأجهزة الدولة الأخرى عمل ميكانيكي يفتقر للإبداع، ولذلك لم يستطع أن يفرز أوضاعا جديدة.
- أن -وهذا هو الأخطر- مأمورية الرئيس لم يبق منها عمليا إلا سنة واحدة أو سنتان على الأكثر، فماذا يستطيع أن يفعل فيهما الرئيس إذا ظلت الأمور تسير بهذا الروتين التي ترى الحكومة أنه مرضي ويرى الشعب أنه بطيء، فما بعد السنتين القادمتين سنتا انتخابات وتجاذبات سياسية وليست سنتا إنجاز.... فلينتبه لذلك فخامة الرئيس....
يتواصل
الحسين ولد محنض