المفتش السابق مولاي ولد كواد يكتب ؟ إنصافا لمفتشية الدولة

ثلاثاء, 08/11/2020 - 15:20

هكذا مرت الأيام بسرعة و انقضت السنين كأنها لحظات. سبع من سنين الله مضت على مغادرتي بملء إرادتي أو كما يسميها الموظفون استقالتي من المفتشية العامة للدولة، تلك الهيئة التي ملأت الدنيا و شغلت الناس ذات حقبة من التاريخ الإداري للدولة. سبع سنين ذروت في سنبله ما زرعت سبع سنين خلت قبلها هي بالتحديد ما أمضيت أحمل تلك التسمية.

لم أكن أود الحديث عن تلك الفترة بل لعلي لن أخوض كثيرا في تفاصيلها لأسباب موضوعية و أخرى دون ذلك. لن أتطرق بداهة لمصير مئات الملفات و لا لحيثياتها نظرا لواجب التحفظ الذي تفرضه المهنة و احتراما لقدسية العمل الذي آمنت به و حاولت الإخلاص في أدائه ما استطعت و أديت في ممارسته ما أملاه علي ضميري و اقتضته النصوص و القوانين المعمول بها وقتها.

سبع سنين بالتمام و الكمال لا تزيد يوما و لا تنقص أمضيتها هناك مع رهط أحببتهم و تقاسمت معهم هما تنوء به الجبال. سبع سنين مشحونة بالأحداث المثيرة و الخاصة شهدت تناوب أربعة رؤساء و مثلهم من الوزراء الأول و أضعافهم من الوزراء لا أعرف قدره بالضبط. أجريت خلالها ما يزيد على خمسين مهمة تفتيش منها الخفيف و منها البسيط و منها الطويل و منها الكامل، استرجعت الدولة على إثرها مئات الملايين التي استحوذ عليها على حين غرة أبناء لهذا الوطن خيروا وقتها همهم على همه لكنهم ضيعوا عليه بها أضعافها سامحهم الله. رجال أراهم الآن يسبحون و يمرحون يتبادلون الوظائف مستفيدين من ضعف ذاكرة الدولة و قوة حصانتهم التي شيدوا من أقوات الفقراء و عرق الكادحين.

كانت تجربة فريدة قدمنا خلالها تضحيات بمقابل مادي زهيد على عكس ما يتصور البعض و يروج له البعض الآخر، فقدنا أصدقاء و أهلين و تعرضنا فيها لأنواع للتنمر و التحرش و المضايقة و الوعد و الوعيد و التحييد و التهديد و البلاء الشديد. حافظنا رغم كل ذلك على هدوئنا و نأينا بأنفسنا عن براثن السياسة و أوحال التقرب من الحاكم و مجاملة الساسة و لعلها الهيئة العمومية الوحيدة التي لم يسجل فيها حضور أي عضو منها في تجمع سياسي و لا مناسبة عامة في وقت يتسابق كل الموظفين أو جلهم إلى من يمنحهم حظوة عند وزير أو سلطان أو رئيس. أستحضر هنا شهادة كتبها المفتش العام السابق محفوظ ولد محمد عالي ولد السملالي في حق ذلك الفريق الذي أداره في ذلك الوقت حين كتب "لقد عملت كمراقب دولة ، و مدير للخزانة العامة ، و محافظ للبنك المركزي ووزير للمالية و رئيس لرابطة العمد الموريتانية وخلال هذه المسيرة المهنية تعرفت علي الكثير من الاطر ولكن و بكل موضعية اطر المفتشية العامة لدولة كانو علي مستوي عالي من المهنية و النزاهة . شهادة لله ".

تجربة فريدة كان و لا زال بإمكانها أن تؤسس لصرح رقابي مهني يكون صمام أمان و حام للشأن العام لكن قدر الله ما شاء فعل و له الأمر من قبل و من بعد.