ولد الشيخ سيديا يكتب ؟ شهادة للتاريخ

سبت, 12/26/2020 - 11:08

عرفت الأخ الضابط السلطان منذ اكثر من ثلاثين عاما وهو يومها برتبة ملازم اول قدم الى بتلميت على رأس فرقة من الدرك جاءت لتعزيز الامن ايام اضرابات عمت الوطن في بواكير وعيه الطلابي وكنت ضيفه لبرهة من الوقت ولم يكن ادراكي ساعتها يميز الغث من السمين في مسالك رجال الدولة وكنت احسبهم جميعا وخصوصا بني عسكر خدام سلاطين الاستبداد ومنفذي اوامر انبنت على المزاجية واستخبارات تصفية الآخر ،ولمسنا في الرجل اريحية وسماحة قرأناها تمثيلية وكنا يومها على المام كبير بقاموس التخفي الاديولوجي وامتطاء ابجديات الحقوق وكنا مؤطرين عفويا على محرمات الاعتراف ومدربين على اساليب التخفي وراء البلاهة تارة والبراءة اخرى ومهيئين معنويا للخلود النضالي ،وكانت مفاجأتنا الكبرى ان الضابط الذي استضافنا يعمل خارج السرب الذي نعيش افعاله ونسمع اعلامه ونقرأ لوحاته الحكامية وان بتأتأة مناطاتية .
وخرجنا من عند الدرك بانطباع خاص مفاده ان هذا السلك من كوكب آخر سلبتنا اخلاق الرجل واريحيته وبساطته ارادة القفز على المراحل والخلود في سفر التضحيات العمياء .
وكان قد رجع في مهمة مماثلة في بداية التسعينات اثر خلافات مفتعلة بين اهل بتلميت اريدت الوقيعة بينهم نكاية لتخمد آخر مظان الصمود وكانت الارادة السياسية ان يتكأعلى الدرك للتنكيل برموزهم بحجج استخباراتية تخدم اجندات لاحقة ورجع من مقامه هناك بتحكيم ضميره دون خوف ولا وجل ولم يكن تقريره على هوى قادته وكاد ان يدفع الثمن ،علمت بهذا الخبر من خلال مسامرات شمامية مع متقاعدي رؤسائه يومها .
كان من قضاء الله ان اعمل في الضفة لعقود فرض علينا الفراغ الترفيهي السلطان وغيره من ضباط البلد الذين رمت بهم الاقدار وضرورات العمل الى منطقة شمامة وانا التلاقي في ليالي الهروب من الباعوض لسنين توطدت خلالها صحبتنا لدرجة الشقاقة لم ار ولم اسمع خلالها تجاذبا سلبيا من السلطان مع اي كان ولم اشعر يوما ان مواقفي وغيري من ركائز العمل السياسي المعارض أثرت على علاقتنا بالضابط السامي حتى في احلك الظروف .
في تسعينيات القرن المنصرم كان من ضمن كوكبة من الضباط من كل القطاعات منهم القادة اليوم وغيرهم يسوسون الضفة وكان من ضمن المترويين المتهربين من التأزيم والرافضين لكل عمل يخرج على الضوابط الانسانية ولو في حالة التأهب القصوى المعلنة ساعتها ويعرف له الجميع مواقف مشرفة اذ ذاك .
ولما كانت موضة التصفيات الأهلية ايام الجرم بالقرابة وحتى بالجهة بعد المحاولة الانقلابية في بداية القرن الحالي ورغم محاولات السيئين لادخاله في قائمة المغضوب عليهم سلم السلطان بصفاء انتمائه للوطن والوطن فقط بتشبثه بقيم الدرك الجمهورية القحة .
وقبل ترقيته لرتبة جنرال كان السلطان على ابواب التقاعد وكان بكل اعتزاز في نفس اليوم يحدثني عن حبه للضفة وطموحه ليكون مزارعا فيها .
ترقى السلطان وتدرج في قيادة الدرك واصبح قائدا للدرك الوطني وفريقا منه وظل هو لم يتغير يداعب الجميع ويخدم الجميع وصديق الجميع يعرف رقمه كل من عرفوه لعقود .
مرات عديدة يأتي لروصو في زيارات عمل وحين ينتهي يتسلل لبيوت معارفه ويسأل عن احوالهم ويعتب عليهم في عدم التواصل معه .
يعلم السلطان وغيره اني ماكتبت هذا خوفا ولا طمعا وليس من عادتي تثمين مسار رجال الدولة لأنه في الغالب تجرفه سيول الاخفاق العام لكني اردت ان انبه الضباط والجنود ان النجاح الحقيقي يكمن في الصدق مع الله اولا والوطن ثانيا وان التشبث بقيم الجمهورية يدفع باصحابه الى قلوب المواطنين .
تتواتر الانباء عن تقاعد اخي السلطان نهاية العام اتمنى ان يظل مسلكه نمطا يحتذى في عقيدة الضباط الاخيار وان تستفيد الدولة من خبرته الكبيرة .
اما انا وامثالي فسيظل عندنا السلطان سلطانا .

تحياتي