كشفت المشاهد التي ظهر فيها أنصار الرئيس دونالد ترامب، وهم يقتحمون مبنى الكونغرس ويعبثون في محتوياته، من أجل عرقلة التصديق على فوز الرئيس المنتخب جوزيف بايدن، عن مخاوف أمريكية من تراجع دور الولايات المتحدة، وتشوه صورتها أمام العالم، في ظل أنها "أقوى دولة ورمز الديمقراطية".
وقالت صحف ومواقع أمريكية، إن مشاهد اقتحام الكونغرس، "أفقدت الولايات المتحدة احترامها، لدى دول العالم، حتى إن ما حدث بات مدار تندر لدى خصومنا، وشوه صورتنا"، بحسب موقع "أم أس أن بي سي".
وكان أنصار ترامب أقدموا على اقتحام الكونغرس، بعد أن حشّدهم وألقى فيهم كلمة توعد فيها بعدم الاستسلام، قبيل جلسة للكونغرس من أجل التصديق على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن.
وعقب خطاب ترامب توجه أنصاره إلى مبنى الكونغرس، وهناك اشتبكوا مع عناصر الشرطة، ودخلوا إلى المبنى، ووصلوا إلى قاعة مجلس النواب، وعبثوا في المحتويات، في هجوم خلف 5 قتلى وعشرات الإصابات.
وقال الكاتب ستيف بينين، في موقع "أم أس أن بي سي"، إن العالم كان يشاهد الولايات المتحدة "بمزيد من الصدمة والحزن، والأهم من ذلك الارتباك، بفعل ضربة جائحة فيروس كورونا، وردنا الدولي كان يلحق ضرار بالغا بمكانتنا الدولية، لكن رفض ترامب انتقال السلطة بشكل سلمي زاد الطين بلة"، بحسب الكاتب.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة، باتت معرضا للتندر لدى حتى الدول المتورطة بحروب تطهير عرقي، وقال أحد المشرعين في ميانمار التي تعاني حربا عرقية مفتوحة، إنه يشعر بالأسف تجاه الأمريكيين.
وأضاف: "الجميع يعرف أن نظرة ترامب هي أن الولايات المتحدة، كانت أضحوكة العالم لعقود، حتى وصل إلى البيت الأبيض واستعاد بمفرده مكانتها العالمية، وأمضى ولايته في تكرار هذه الجملة باعتبارها أهم إنجازاته".
وتابع بينين: "لكن هذه الكذبة أظهرت عبر الدراسات الاستقصائية الدولية، أن الاحترام العالمي للولايات المتحدة سقط إلى أعماق غير مسبوقة خلال ولاية ترامب.. ومن العدل القول إن الظروف الآن أسوأ بكثير".
من جانبها قالت الكاتبة إيما آشفورد، في مجلة "فورين بوليسي"، إن مستخدمي موقع تويتر سخروا من "رئيس محاصر لمستعمرة بريطانية سابقة، وهو يجلس في قصره، ويرفض التنازل عن الانتخابات" لافتة إلى أن الولايات المتحدة أصبحت في نظر من يشجبها "ديمقراطية ضعيفة غير قادرة على منع العنف في انتقال السلطة من زعيم إلى آخر".
وقالت آشفورد: "إن ما حصل علامة على مدى انكسار نقاشات السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهناك قلق بشأن السلطة الأخلاقية لأمريكا والقيادة العالمية. وكانت هناك تعليقات حول مدى سعادة الرئيس الصيني شي جين بينغ ومخاوف من أن هذا من شأنه أن يقوض الترويج للديمقراطية الأمريكية في الخارج".
بل إن الكاتبة نقلت عن مايكل ماكفول، السفير الأمريكي السابق في عهد أوباما في موسكو، قوله: "لقد سلم ترامب اليوم آخر هدية لبوتين، ولكن آمل فعلا أن تكون آخر هدية له".
وأشارت إلى أن العديد من رموز السياسة الخارجية الأمريكية "يشعرون بالقلق من إمكانية استمرار الولايات المتحدة في نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارج، وما إذا كان الاقتحام قد يؤثر على قدرة أمريكا على الدخول في منافسة بين القوى العظمى مع الصين".
وشددت على أن "السياسات الداخلية للولايات المتحدة، تترنح تحت وطأة عقود من الانتهاكات الحزبية، وبينما أثبتت معظم المؤسسات حتى الآن قدرتها على الصمود، فليس هناك ما يضمن أنها ستواجه الشخص الاستبدادي التالي، والمؤسسة الوحيدة التي تحظى بالاحترام هي المؤسسة العسكرية، وهو تفرد قد يكون له تداعيات مقلقة مستقبلا".
بدورها أشارت مجلسة "فورين أفيرز"، إلى أن المشاهد التي رآها العالم لما يجري في الكونغرس، "كان من الصعب فهم أنها في قلب الديمقراطية الأمريكية".
وتابعت: "الرئيس الجديد سيواجه عالما لديه تحفظات هائلة حول ما إذا كان ينبغي على الدولة التي تولت زمام قيادة العالم بعد الحرب العالمية الثانية، أن تستمر في القيام بالمهمة".
وأضافت المجلة: "رغم أن حلفاء أمريكا في الناتو، سيشعرون بالارتياح لأن شخصا دوليا ملتزما سيقود الولايات المتحدة مرة أخرى، فإن قمة بايدن العالمية المقبلة من أجل الديمقراطية، ستخلق مشاكل أكثر من الفوائد، بعد معركة الكابيتول الشهيرة هذا الأسبوع".
وقارنت المجلة بين رسائل الحلفاء، بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وبين "الصدمة والاستياء، التي بدت واضحة منهم بعد معركة الكونغرس، وجرى حديث عن سعادة أعداء الديمقراطية بهذه الصور المذهلة لأنصار ترامب، في الوقت الذي لم تشهد فيه أي ديمقراطية غربية أي شيء قريب من هذا النوع من العنف السياسي في السنوات الأخيرة".