يصادف الثاني عشر من كانون الثاني/ يناير رأس السنة بالتقويم الأمازيغي، وهو تقويم زراعي يستخدم في دول شمال أفريقيا، من واحة سيوة بمصر إلى جزر الكناري غربا، مرورا بالدول المغاربية، وضمنها الجزائر، ويرتبط بالفلاحة والأرض، وتعود حكايته إلى بقايا التواجد الروماني.
وتحتفل شعوب شمال أفريقيا هذا العام بالسنة الأمازيغية 2971، التي يطلق عليها أسماء عدة، منها يناير، العجوزة، إخف أوسقاس، وأسماء الشهور الأمازيغية مشتقة من اللاتينية، وهي: يناير، فورار، ماغرس، إيقرير، ماقو، جوان، جويلية، غوشط، شتونبر، توبر، وانبر، جنبر.
وهناك من يرجع أصوله إلى انتصار الملك الأمازيغي ششناق على رمسيس الثالث عام 1950 قبل الميلاد، حينما اعتلى ششناق العرش الفرعوني، ليؤسس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين.
وتسمى اللغة التي يتحدث بها الأمازيغ "تمازيغت"، ولها العديد من اللهجات الأمازيغية التي تختلف عن بعضها البعض بشكل كبير من حيث نطق المفردات والقواعد، كما أن هذه اللهجات ليست مكتوبة، ويقدر عدد الأمازيغ في منطقة شمال أفريقيا ما بين 20 و50 مليون نسمة، ويتركز معظمهم في المغرب والجزائر، إضافة إلى وجود مغتربين مقيمين في أوروبا، تتراوح أعدادهم بين مليونين وأربعة ملايين نسمة.
ويرى المختصون بعلم الفلك أن الرزنامة الأمازيغية وضعت لأغراضٍ زراعية، وهي من أقدم التقاويم في شمال أفريقيا.
ومن مظاهر الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، تجول المحتفلين مثلا بالجزائر، بين الأحياء السكنية، وهم يرتدون أقنعة على وجوههم ويطلقون الأهازيج المصحوبة برقصات تقليدية، ضمن كرنفال تقليدي سنوي يسمى (إيراد).
وانطلقت احتفالات هذا العام بالجزائر، وسط تفشي وباء كورونا المستجد، وفيه عطلة رسمية منذ إقرار الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة لذلك عام 2017.
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية، أن الاحتفالات الرسمية بمحافظة باتنة انطلقت تحت شعار "أصالة وحدة وافتخار"، وبإشراف المحافظة السامية للأمازيغية بالتنسيق مع وزارة السياحة، وشهدت تنظيم صالون للكتاب وورشة مخصصة للسينما ومعارض للصناعات التقليدية والطبخ الأمازيغي.
أما الأمازيغ المغاربة فيحتفلون في 13 كانون الثاني/ يناير، ويضعون القصب في الحقول، تفاؤلا بمحصول زراعي جيد، وما زالت مطالباتهم بجعل هذا اليوم، عطلة رسمية مسألة لم تحسمها بعد السلطات المعنية في المغرب.
وفي هذا السياق، طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، وقالت في رسالة وجهتها إلى رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني إن مطلبها يأتي من أجل رفع ما أسمته "الحيف والتمييز، اللذين يطالان إرث الثقافة والهوية للأمازيغ".
ودعت إلى إقرار هذه العطلة "على غرار ما هو معمول به في التقويمين الميلادي والهجري، كمبادرة رمزية للاعتراف بالهوية الثقافية الأمازيغية للشعب المغربي"، مشيرة إلى أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يعتبر "إرثا تاريخيا لكل الأمازيغ في شمال أفريقيا، ورمزا من رموز الثقافة في كل المناطق التي يتواجد فيها الإنسان الأمازيغي".