أخوضها وحدي بلا مانعٍ / أبي محفوظ

خميس, 02/11/2021 - 10:55

الذّي يرى ويسمع ولو نُتفاً من تفاصيلِ قضيّتي هنا وهناك يظنّنيّ صاحِب جَريرةٍ قلاني لأجلها القريبُ والحبيبُ، ولأننيّ لست إلاّ أنا - وقد أبقى، بل سابقى - دون (رتوش) أو اضافة، وبلا توابلٍ ولا نكهاتٍ أو مطعمات، وبمذاق الغلاف الجويّ المحايد أعيشُ، عليّ أن أخوضَها وحدي.
مراراً يقترب منيّ أحدُ أهل الشمال ليقول لي هامساً: "أنت مَنْ أَيْ لَخّوتْ" اشفاقاً عليَّ ووعياً منه ببساطةِ الحلولِ وبديهيتها، واحياناً أخرى (ترّوزيٌّ) أو (بَركنيّ) لكن لم يسألني ولا مرة واحدة من كان يجب أن اذبحَ وإياهُ بسكينٍ واحدةٍ، وإن افتتُ عليه سمِعها منيّ بنكدٍ، وأبدى عدمَ الأهميّةِ والاهتمامِ، وقد يكون على علمٍ بتفاصيلها، وربما اعتذر عن سماعِها بحجة أنه على عجلٍ، وسنتابع الحديث فيما بعد، ولن نلتقي ربّما إلاّ صدفةً أخرى.
هو خللٌ إذن في الفهمِ أو في التقدير أو التقييم، أو أنني فعلاً مريضٌ بمرضٍ معديّ يجب الفرارُ منهُ.
لست إلاّ أنا، وسوف أخوضُها وحدي، وهنا قد يحضرني الإنشادُ على سبيل الخبرِ والاعذارِ لزهير بن أبي سلمى من معلقته أمن أم أوفى قوله:
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْـلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِـهِ
عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْـنَ عَنْـهُ وَيُذْمَـمِ
دون أن انشد ما بعد ذلك، وإن وجد موجباً للانشادِ بلْ للممارسة.
...آخرون.. يتألمون.. يوّاسون.. يبدون أسفهم، بل الكلُّ إلاّ من يجبُ عليه ذلك، بل ربما سفّهنيّ أو وسمني بالجنون.
فجدت أن مثلي ليس إلا مثل ابن شدادٍ؛ حين يقول:
إِذا كانَ أَمرُ اللَهِ أَمراً يُقَدَّرُ
فَكَيفَ يَفِرُّ المَرءُ مِنهُ وَيَحذَرُ
إلي أن يقول:
دَعوني أَجُدَّ السَعيَ في طالَبِ العُلا
فَأُدرِكَ سُؤلي أَو أَموتَ فَأُعذَرُ
أو كما قال امرؤ القيس:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيقـــن أنا لاحقان بقيصـــرا

فقلــت لـه لا تبـك عينـك إنــمــا
نحــاول ملكا أو نموت فنعذرا

وأسفي هنا؛ إن كان طموحي دون طموح امرئ القيس، فلست بطالبَ ملك، إنّما طالبُ حقٍ سلبتُه ضحوةً بين المسلمينَ، وبحضرة بني جلدتي، ليس جبناً مني ولا خنوعاً ولا خشيةً، إنّما بتكاتف ظلمةٍ تمنعواْ بسلطة الادارة ونفوذِ القبيلةِ ومنعتِها السياسية، في حين لا وجود لسندٍ ليَّ من عشيرةٍ استند إليه.
سأخوضها وحدي إلى أن ابلغ العذر، لكن يحزّ في النفس أن غير عشيرتي يتألم لي ويساندني، وان كانت مساندتهم أشدّ وقعاً وألماً من مظلمتي نفسها.
.............. أن سلامٌ عليكما وليس
وليس يلام المرء في مبلغ الجهد

رافض ظلم