الحقيقة / انجامينا / أكد فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، أن تراكم التحديات في شبه المنطقة ليس حتميا، لأن منطقة الساحل تتوفر على قدرات كبيرة لمواجهتها، لاسيما وسط التطلع العميق لشعوبها إلى العيش في سلام وكرامة.
وأضاف في خطاب له أمام القمة السابعة لرؤساء مجموعة الخمس بالساحل المنعقدة بانجامينا اليوم الاثنين أن تصميم دول المجموعة ودعم المجتمع الدولي سيمكن من رفع تحديات الإرهاب و الحوكمة والتنمية.
وأشار الرئيس إلى إطلاق أعمال التخطيط لمشاركة قوة إفريقية في منطقة الساحل قوامها 3000 جندي، والتخطيط مؤخرا في نواكشوط لعملية مشتركة واسعة النطاق في المنطقة الغربية.
وفيما يلي النص الكامل للخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم
ـ السيد مارشال اتشاد، إدريس ديبي إيتنو، رئيس الجمهورية، رئيس الدولة،
ـ أصحاب الفخامة رؤساء دول مجموعة الخمس بالساحل ،
ـ شركاء وأصدقاء منطقة الساحل الكرام.
ـ ضيوفنا الكرام
ـ سيداتي، سادتي
اسمحوا لي بادئ ذي بدء أن أعبر عن شكري الحار لأخي وصديقي، مارشال اتشاد إدريس ديبي إيتنو، رئيس جمهورية تشاد، على التنظيم المتميز لهذه القمة، وعلى حرارة الترحيب وكرم الضيافة التي حظينا بها منذ وصولنا إلى نجامينا.
وأود في نفس الوقت، أن أعرب له عن امتناننا له على الجهود والتضحيات التي ما فتئت تشاد تبذلها من أجل السلام والأمن في المنطقة، وأذكر، على وجه الخصوص، تدخل قواتها في مالي، وعملية “كولير دباهاما” وقرارها بنشر كتيبة ثانية لصالح القوة المشتركة لمنطقة الخمس بالساحل.
كما أجدد شكرنا وامتناننا العميق للبلدان والمنظمات والمؤسسات الشريكة وجميع أصدقاء منطقة الساحل على الاهتمام والدعم المستمر الذي يقدمونه للسلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقتنا.
أصحاب الفخامة،
السيدات، والسادة،
لقد عملنا خلال الفترة التي تولينا فيها الرئاسة الدورية لمجموعة الخمس بالساحل،على دعم الإنجازات ودفع ديناميكية جديدة للعمل الجماعي، بهدف ترجمة الرؤية الإستراتيجية لمنظمتنا من خلال إنجازات ملموسة في مجالات الأمن والتنمية.
وتحقيقا لهذه الغاية، تم اعتماد خارطة طريق أريد لها أن تكون واقعية وطموحة في آن واحد، مكنت، إلى حد كبير، من تحقيق أهداف المرحلة.
وتضم خارطة الطريق هذه خمسة محاور رئيسية، خاصة ما يتعلق منها بالأمن والدفاع وتعزيز القدرات والتنمية البشرية والبنية التحتية، وتعزيز الحوار بين المجتمعات المحلية وتعزيز ديناميكية الدعم الدبلوماسي، وأخيرا آلية المراقبة المؤسسية.
وعلى مستوى المحور المتعلق بالأمن والدفاع فإن تنامي القوة المشتركة لمجموعة دول الخمس في الساحل، وتعزيز قوات الدفاع والأمن الوطنية والتنسيق المحكم مع قوة برخان، مكن من تسجيل نتائج مهمة.
ويمكننا في هذا السياق، أن نذكر تكثيف العمليات في منطقة الحدود الثلاثة، ونشر الوحدات الأولى من قوة “تاكوبا”، وإطلاق أعمال التخطيط لمشاركة قوة إفريقية في منطقة الساحل قوامها 3000 جندي، والتخطيط مؤخرا في نواكشوط لعملية مشتركة واسعة النطاق في المنطقة الغربية.
وهكذا، فإن قوات الدفاع والأمن الوطنية والقوة المشتركة تستعيد زمام المبادرة تدريجيا في مختلف ساحات العمليات، وتتزايد الخسائر المادية والبشرية في صفوف الجماعات الإرهابية المسلحة مع تحييد عدد كبير من قادتها الرئيسيين.
أصحاب الفخامة،
السيدات، والسادة،
في مجال تعزيز القدرات والتنمية البشرية والبنية التحتية، تم انجاز العديد من المشاريع التي تهدف إلى مكافحة كوفيد- 19، والتغير المناخي، وتمكين النساء والفتيات، ودعم المقاولات الشابة، وتوفير المياه ودعم التماسك الاجتماعي.
ونحن مرتاحون في هذا الإطار لانطلاقة 18 مشروعا من أصل 21 مشروعا من برنامج التنمية الاستعجالي مع الشركاء أعضاء تحالف الساحل.
وبالإضافة إلى ذلك، يجري تنفيذ مشاريع مهمة في المجالات الطارئة المتعلقة بالتنمية الريفية والقدرة على مواجهة كوفيد – 19، بدعم من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية والبنك الإفريقي للتنمية.
كما تعزز التكامل الإقليمي من خلال عملية إلغاء رسوم التجوال، وتمويل البنك العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لمشاريع الطرق التي تربط بين بلدان المجموعة، واكتمال دراسة جدوى مشروع السكك الحديدية العابرة لمنطقة الساحل.
وتستفيد مجموعة الخمس في الساحل من الآن فصاعدا في إطار الالتزام السياسي الذي تم إنشاؤه ـ بالتوافق ـ من تنفيذ خططها فيما يتعلق بالحوكمة والتنمية، و بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من السياق الدولي والإقليمي الصعب، تمكنت مجموعة الخمس في الساحل، في عام 2020، من حشد دعم الشركاء التقنيين والماليين الدوليين لصالح تنفيذ إستراتيجيتها الإنمائية والأمنية.
أصحاب الفخامة،
السيدات، والسادة،
فيما يتعلق بتعزيز الحوار داخل المجتمعات المحلية، تم اتخاذ إجراءات ملموسة مكنت من ضمان تقريب الخدمات من المجتمعات المحلية وخلق مناخ من الثقة يفضي إلى الحوار وسيتواصل اعتماد إطار للتطابق في مجال حقوق الإنسان، من خلال تقنين العمليات الأمنية والعودة التدريجية للدولة.
ونحيي، في هذا الصدد الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان المتمثل في التجهيزات وتدريب مكونة الشرطة في القوة المشتركة من أجل إنشاء وحدات للمراقبة والتدخل السريع على المستوى الوطني في مختلف بلدان الخمس بالساحل.
ومن المهم الإشارة هنا إلى تنظيم مؤتمرات إقليمية سنة 2020 حول مكافحة التطرف والعنف حيث عبر العلماء والمفكرون والجهات الفاعلة في المجتمع المدني عن آرائهم بهدف تحديد أكثر الطرق فاعلية لمكافحة التطرف بجميع أشكاله ولا سيما في أوساط الشباب.
وجاء المؤتمر الرابع لبناء الثقة بين قوات الدفاع والأمن والسكان في منطقة الساحل، الذي تم تنظيمه في 26 يناير، ليعزز ديناميكية الحوار داخل المجتمعات المحلية وفيما بينها.
وفي سياق التزام دولنا الصارم بتعزيز سيادة القانون والحكم الرشيد، نسجل بارتياح إعادة إطلاق عملية اتفاقات الجزائر المتعلقة بالوضع في مالي، والسير السلس للانتخابات الرئاسية في بوركينا فاسو، وانتهز المناسبة هنا لتقديم تهنئتي الحارة لأخي وصديقي، الرئيس روش مارك كريستيان كابورى على إعادة انتخابه، كما آمل أن تجري الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية النيجيرية في ظل ظروف جيدة، وأؤكد من جديد دعمنا الكامل للعملية الانتقالية في مالي.
أصحاب الفخامة
السيدات، والسادة
على مستوى تعزيز الديناميكية الدبلوماسية المواكبة، وعلى الرغم من السياق الأمني الصعب وظهور الأزمة الصحية المتعلقة بجائحة كورونا، دعمت الرئاسة الدورية بقوة انطلاقة التحالف من أجل الساحل، وتنفيذ التزامات قمة “بو” وإضفاء الطابع الرسمي على الحوار السياسي مع تحالف الساحل.
لقد أعطت هذه الديناميكية الدبلوماسية المواكبة زخما حقيقيا للتعاون ومكنت من تعزيز مكافحة الإرهاب، وتحسين القدرات العسكرية لدول الخمس بالساحل، ودعم عودة الدولة والإدارات إلى المناطق الحساسة وتسهيل تنفيذ الأنشطة التنموية.
كما تتواصل جهود المناصرة للحصول على تفويض بموجب الفصل 7 من ميثاق الأمم المتحدة، لتمويل دائم للقوة المشتركة، وتقديم مساعدة دولية لمكافحة أزمة فيروس كورونا، ومواصلة دعم التنمية في ضوء تأثير الإنفاق الأمني على ميزانيات دولنا.
و بفضل الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء والدعم الفعال من أصدقائنا وشركائنا، تمكنت منظمتنا من احتلال مكانة مهمة في جدول الأعمال الدولي من خلال ديناميكية سياسية دبلوماسية، تميزت باجتماعات متعددة على مستوى رؤساء الدول والوزراء.
وبفضل هذه اللقاءات، اعتمدنا إطار العمل المتكامل الجديد ذي الأولوية الذي يهدف إلى تنفيذ مشاريع ذات تأثيرات سريعة على المناطق الحساسة، فيما تتوفر منطقة الخمس بالساحل الآن على إطار متجدد للالتزام السياسي والبرامجي لزيادة تجسيد عملها فيما يتعلق بتحسين الظروف المعيشية ورفاهية سكانها.
أصحاب السعادة ،
السيدات، والسادة ،
و فيما يتعلق بآلية المتابعة المؤسسية، تم تنفيذ الإصلاح التنظيمي للأمانة التنفيذية لمجموعة دول الخمس بالساحل وتنامي دور الأمانة العامة لتحالف منطقة الساحل. وفي هذا الصدد، نرحب بتعيين ممثل سام للساحل لدى التحالف.
وفي عام 2020، عززت مجموعة الخمس بالساحل بقوة شراكتها مع الاتحاد الأوروبي مما تُرجم من خلال آفاق مراجعة منسقة لإستراتيجية الاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل.
وفي هذا الصدد تؤكد مجموعة دول الخمس بالساحل على أهمية مساراتها الإستراتيجية من أجل حوكمة أفضل وتحقيق المزيد من إجراءات التنمية وخلق مقاربة قائمة على النتائج مع اعتماد نظام أكثر فعالية للمساءلة.
أصحاب السعادة،
السيدات والسادة،
على الرغم من التحديات الماثلة وخاصة من خلال استمرار أنشطة الجماعات الإرهابية، والوضع المعقد على أرض الواقع،حققت الحصيلة الأمنية لمجموعتنا لعام 2020 نتائج جد ايجابية مع تفوق واضح على الجماعات الإرهابية، كما عززت القوة المشتركة للمجموعة قدرتها على القيادة والتخطيط وقادت، بالتنسيق مع قوات الشركاء، عمليات مشتركة ساهمت بشكل كبير في استنزاف الجماعات الإرهابية، واستعادة المنطقة وسلطة الدولة.
ولدعم هذه المكتسبات، ستواصل مجموعة الخمس بالساحل العمل حتى تتمكن قوات الدفاع والأمن الوطنية التابعة لها من أداء مهامها السيادية بشكل كامل وتتمكن قوتها المشتركة من تعزيز قدراتها المختلفة في نفس الوقت.
وعلى الرغم من تعقيدات النزاعات غير المتكافئة والتوترات المجتمعية السائدة محليًا في أماكن معينة في منطقة الساحل،نتوفر على إرادة قوية لمواصلة مكافحة جميع أشكال الإفلات من العقاب وإجراء التحقيقات اللازمة للتنديد بهذه الانتهاكات وتقديم مرتكبيها أمام القضاء المختص.
وفي هذا الصدد، تشيد مجموعة دول الخمس بالساحل بأهمية الشراكة من أجل الأمن والاستقرار في منطقة الساحل التي يدعمها الاتحاد الأوروبي والتي تهدف إلى عودة الأمن والعدالة من خلال دعم عمل قوات الأمن الداخلية. كما ترحب بقرار البرلمان الأوروبي المعتمد في سبتمبر 2020 بشأن التعاون الأمني في منطقة الساحل وغرب إفريقيا والقرن الأفريقي، والذي يفتح من الآن فصاعدًا إمكانية التمويل لصالح القوات المسلحة للدول وقواتها المشتركة من خلال التسهيلات الأوروبية في مجال تعزيز السلام.
أصحاب الفخامة،
السيدات والسادة،
منذ القمة الاستثنائية لرؤساء دول مجموعة الخمس في الساحل المنعقدة في 27 أبريل 2020 التي تبنت إعلانا بشأن وباء كوفيد -19، لا تزال المناصرة المكثفة مستمرة على أعلى مستوى لدعم خطط الاستجابة الوطنية وإلغاء الديون الخارجية لبلداننا، واغتنم الفرصة هنا لتكرار دعوتنا إلى إلغاء الديون بصورة فعلية لما يمثله ذلك من استجابة بشكل تام للتأثيرات السلبية للأزمة الصحية والأمنية المزدوجة.
و تشكل الأزمة الليبية مصدر قلق وعامل عدم استقرار يغذي انعدام الأمن والإرهاب في منطقة الساحل. وفي هذا الصدد، نسجل ارتياحنا للاتفاق الأخير الذي تم التوقيع عليه في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، والذي يشكل سببا للتفاؤل بحل دائم لهذه الأزمة.
وسيكون من المناسب أيضا منح الاهتمام من الآن فصاعدًا لمراقبة وحماية الواجهة البحرية لمنطقة الخمس بالساحل والتي، كما أشرت في مقر الناتو في 14 يناير، تجب حمايتها من تحديات أمنية متعددة في الوسط البحري مثل القرصنة البحرية والهجرة غير الشرعية والاتجار غير المشروع والتلوث البحري.
أصحاب الفخامة،
السيدات والسادة،
إن تراكم التحديات في شبه المنطقة ليس حتميًا لأن منطقة الساحل تتوفر على قدرات كبيرة لمواجهتها،وسط التطلع العميق لشعوبنا إلى العيش في سلام وكرامة.
وسنتمكن بتصميمنا معا، وبدعم المجتمع الدولي من رفع تحديات الإرهاب والحوكمة والتنمية.
وفي نهاية مأموريتي رئيسا دوريا لمجموعة الخمس بالساحل، يسعدني ويشرفني أن أسلم الرئاسة الدورية لمجموعتنا لأخي وصديقي مارشال تشاد إدريس ديبي إيتنو، وأنا على يقين من أنه سيتمكن بحكمته وقدراته القيادة من دعم وترقية مكتسبات منظمتنا الفتية.
وأتمنى لأعمال قمتنا الحالية كل النجاح.