دافعت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن موقفها، بعد اتهامها بالتعامل بطريقة "عدوانية" مع رئيسة المجلس الإسلامي البريطاني زارا محمد؛ خلال برنامج إذاعي.
وكان برنامج "ساعة المرأة" الذي يبث على "راديو 4" التابع للهيئة قد استضاف زارا محمد، وهي أول امرأة تُنتخب على رأس المجلس، وهو مظلة تضم مئات المنظمات الإسلامية في بريطانيا.
ورد البرنامج في بيان الجمعة: "بينما نقدر أن يكون للناس في بعض الأحيان ردة فعل مختلفة تجاه مقابلاتنا ونقاشاتنا، فإننا نعتقد أنه كان مشروعا للبرنامج السعي للحصول على توضيحات لبعض القضايا التي تواجه المسلمين في المملكة المتحدة"، وقال: "سندرس القضايا والمخاوف التي أثارتها الرسالة المفتوحة"، في إشارة إلى رسالة وجهتها أكثر من 100 شخصية إلى بي بي سي ردا على المقابلة.
وقال البيان: "نتعهد بالعودة إلى هذه المسألة على الهواء قريبا، وأن نعمق انخراطنا مع القضايا التي تهم أغلبية النساء المسلمات، كما النظر في التمثيل (التنوع) في برنامج ساعة المرأة كجزء من خطط بي بي سي، لتعكس المجتمع الذي نخدمه بشكل أكثر دقة".
وأصبحت زارا الشهر الماضي أول امرأة وأصغر شخص يقود المجلس الإسلامي البريطاني، وهو الحدث الذي لاقى اهتماما في بريطانيا.
وكانت "بي بي سي" بعد تلقيها العديد من الشكاوى قد أزالت التغريدة الأصلية التي تضمنت مقطع فيديو مختصرا من المقابلة، مشيرة في وقت لاحق إلى أنه "كان يجب أن يتضمن المقطع المزيد من المقابلة الإذاعية لتوفير سياق كامل للمناقشة".
واشتكت زارا من أن مقدمة البرنامج إيما بارنيت تعاملت معها بطريقة غير منصفة، سواء بالنسبة لطبيعة الأسئلة التي تم طرحها أو اللهجة "العدائية" التي اعتمدتها المذيعة، إضافة إلى استمرار المقاطعة وعدم إتاحة المجال للضيفة لاستكمال إجاباتها.
واتهم معلقون بارنيت بتبني طروحات اليمين في أسئلتها، كما رأى آخرون أنها تعبير فعلي عن ظاهرة الإسلاموفوبيا في بريطانيا.
وردا على المقابلة التي أجريت في 4 شباط/ فبراير الجاري، وجه نحو 100 من الكتاب والأكاديميين والشخصيات العامة في بريطانيا؛ رسالة إلى "بي بي سي" جاء فيها: "كانت لهجة المقابلة مخيبة للآمال، ومعادية بشكل لافت للنظر، حيث تساءلت المضيفة إيما بارنيت باستمرار: كم عدد الأئمة من النساء في بريطانيا؟ وعندما قالت محمد إنها لا تعرف، وتساءلت عما هو المقصود بالسؤال، أجابت بارنيت: "أخبريني أنت"، مشيرة إلى صعود القساوسة والحاخامات".
وأكدت الرسالة أن ما حصل "يعكس نقصا أساسيا في محو الأمية الدينية اللازمة للمشاركة الحقيقية مع الجاليات البريطانية المسلمة". وتابعت: "مرة أخرى، قُطعت معظم إجابات محمد، وكشفت المذيعة عن رغبة غريزية في عدم الاستماع إلى صوت امرأة مسلمة، بل في القفز عن رأيها".
وأوضحت أن ذلك حصل "على الرغم من التزام هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالحياد والإنصاف الواجبين، إلا أن ما حدث مأزق في السرد الذي يفترض أن النساء المسلمات محرومات بطبيعتهن من حقوقهن، بسبب معايير العقيدة التي من المفترض أنها لم يتم إصلاحها، وفق ما يتم زعمه".
وأوردت الرسالة أن "المقابلة بدت عازمة على إعادة فرض الاستعارات الضارة والمتحيزة عن الإسلام والمرأة المسلمة".
وقالت؛ إن المقابلة "تعكس أسلوب ولهجة مقابلة للمحاسبة مع سياسي، بدلا من التعرف بشكل حقيقي والانخراط في ما يعني النساء المسلمات البريطانيات".
وأكدت أن "إزالة المقطع أمر مرحب به، إلا أن هذه الاستجابة غير كافية، إذ يجب تقييم أسلوب المقابلة بالكامل، وتقييمها بجدية".
ولفتت إلى أن ما حصل "ربما ليس من قبيل المصادفة، أن يأتي وسط كون أصوات المسلمين ممثلة تمثيلا ناقصا على كل المستويات داخل بي بي سي". وقالت: "في أحدث تقرير سنوي لهيئة الإذاعة البريطانية، اعترفت بأنه لا يوجد أي مسلمين تقريبا يعملون في أستوديوهات بي بي سي (الإنتاج التلفزيوني والإذاعي)، التي تتضمن إنتاج ساعة المرأة، سواء على مستوى الموظفين أو القيادة".
وقالت: "لا توجد أعداد كبيرة من المسلمين في مناصب التكليف أو في المناصب القيادية داخل المؤسسة، وهذا النقص في التمثيل داخلها، خاصة على المستويات القيادية، يكشف عن فشل في تنفيذ قيم بي بي سي في أن يكون لها منظمة تعكس جمهورها".
وتابعت: "إن الافتقار إلى التمثيل في البرامج، مثل ساعة المرأة، يعني أن الأفكار المهمة في التعامل مع المجتمعات المسلمة وإعداد التقارير عنها مفقودة".
من جهته، قال المدير العام لـ"بي بي سي" تيم ديفي؛ إنه يتفق مع رد البرنامج على الرسالة، وإن "بي بي سي لديها مسؤولية استشكاف ومناقشة القضايا داخل جميع المجتمعات" في بريطانيا.
وأقر ديفي بأن نسبة المسلمين في "بي بي سي" منخفضة مقارنة بنسبتهم في المجتمع، "لكنها ليست منخفضة كما تعتقدون"، مضيفا أن "تحسين التمثيل ضمن فريقنا هو أولوية رئيسة لي ولفريقي التنفيذي".
ووجه ديفي دعوة لأصحاب الرسالة "للاجتماع مع زملاء كبار في بي بي سي، للحديث حول القضايا التي أثارتها الرسالة".
وفي تعليق على رد فعل الهيئة على الرسالة، قالت مريم خان وياسمين عبد المجيد، وهما من الموقعين على الرسالة؛ إن ديفي والبرنامج المعني "فشلا في الانخراط في تفاصيل مخاوفنا بشأن محتوى المقابلة".
وأضافتا أنه من المثير للإحباط أن المدير العام للهيئة اختار الإشارة إلى إحصائيات حول المسلمين العاملين في الهيئة، في حين تجاهل نسبة التمثيل في أستوديوهات الإنتاج للتلفزيون والراديو، وهو الأمر الذي "يتطلب الالتفات إليه، على مستوى العاملين ومستوى القيادة".
وكانت "بي بي سي" قد أثارت قبل أيام انتقادات بعد إنهاء خدمات كمال أحمد، ذي الأصول السودانية، وهو العضو الوحيد الذي كان يمثل الأقليات الدينية والإثنية. وقد اعتبر ذلك إخلالا بمبدأ التنوع في المؤسسة.