الحقيقة / نواكشوط / في احدي اللافتات المرفوعة من طرف بعض المتظاهرين أمام قصر العدالة عبارة استوقفتني .هذه العبارة دقيقة من حيث الدلالة والإيحاء. كتب علي هذه اللافتة:لا لمقاضاة
الضعفاء وترك الأقوياء.
تلزمني هذه العبارة حتي أذكر بما يلي :
أولا: العدل الشامل (لأنه لا يميز بين القوي والضعيف )يدعو إلي الألفة ويبعث علي الطاعة كما قال الهرمزان لعمر بن الخطاب حين رآه وقد نام متبذلا: عدلت فامنت فنمت .
يحكي في هذا المقام ان الإسكندر قال لحكماء الهند، وقد رأى قلة الشرائع بها :لم صارت سنن بلادكم قليلة؟ قالوا: لاعطاءنا الحق من انفسنا ولعدل قضاتنا فينا.فقال لهم : أيهما أفضل؟ العدل ام الشجاعة؟ قالوا اذا استعمل العدل أغنى عن الشجاعة.
حقا بالعدل والإنصاف يتم الاءتلاف.
ثانيا : إن أول ما يجب علي قضاة التحقيق هو معرفة شخصية المتهم معرفة شاملة وتامة أعني جبليته وما تنطوي عليه من خواطر وشعور وأساليب... علم النفس مطلوب هنا.
ليس شيء أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور لإنه لا حد له ولا ينتهى إلى غاية وقد روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : بئس الزاد الي المعاد
العدوان علي العباد... ثم قال عليه أزكى الصلوات: ثلاث
مهلكات شح مطاع وهوي متبع وإعجاب المرء بنفسه.
ثالثا) اعملوا أيها القضاة ان الكريم لا يجتدي إلا بالكرامة واللطف و اللئيم يجتدي بالمهانة والعنف لأنه لا يوجد الا خوفا ولا يجيب الا عنفا كما قال الشاعر:
رأيتك مثل الجوز يمنع لبه صحيحا ويعطي خيره حين يكسر.
ومهما يكن من أمر فمن واجب القضاء التعامل مع الجميع بمكيال واحد.