الشيخ محمد ولد سيدي يحي: الحلي المكنون/ أبي محفوظ

خميس, 02/10/2022 - 11:38

لا يجد المتتبع للساحة السياسية الوطنية صعوبة كبيرة في كشف التجاذبات التي تدار في الكواليس، ولا أي صعوبة في استجلاء خفايا محاولات التأثير من الأطراف القوية نسبيا، وتلك التي توصف بالقوة والغلبة، لما لها من سلطان الأمر، ولن يخفى عليه شطط الطرفين؛ إذا تعلق الأمر بالمصالح الذاتية، ومحاولة تسجيل النقاط ولو على حساب كلمة الحق، ونشر العلم، وخطاب الوسطية، وعلى حساب القمم المعلقة فوق أديم معركتهم الطينية؛ أرضية المخلد.
كان المؤتمر (مؤتمر السلم) هذه المرة -والمرة السابقة- هو الجذوة التي سعّرت نيران حسد القَالين للشيخ حفظه الله ورعاه، وأغْرت به جشع الانتهازيين، فتهافتت إليه أقلامهم، ولغا ومدحا، فهذا يريد أن ينزله مكان العقد -وهو مكانه الحق- استدرارا لرضى الجمهور عن طريق كُتْابه، وذلك يحاول - عبثا - النيل منه ليبقى وصيا شرعيا وحيدا على كل ما له علاقة بالدين والتدين.
هي إذا معركة تخوضها اللوبيات المؤدلجة وذيول الطابور الخامس، كل ذلك والشيخ حفظه الله ورعاه وبارك فيه لا يهتم للأمر، وقد تدفعه اعتبارات مختلفة - ليس لها اعتبار في حسابات القوم ربما - لحضور ذلك المؤتمر؛ ليس أقلها القرابة وفارق العمر وربما غير ذلك.
كتب محمد الشيخ ول سيد أحمد؛ مدير الإذاعة الوطنية بقلمه الذهبي - صادقا- تحت عنوان: رسالة إلى عَبَدَةِ الدينار والدرهم، ما نصه؛ "أنبل من في العالم بأسره اليوم، وأزكى من يصغى إليه صدقا وعدلا، ويجتمع عليه منذ عقدين ملايين الدعاة إلى الله، يتزاحمون حِلقاً حوله، ويتداولون دروس علمه و سلوكه، ويبثون جواهر تفسيره وتبليغه، وتزهر قلوبهم بمحبة ذكره ونضارة وجهه، هو الداعية المحبوب وشيخنا العارف محمد ولد سيد يحي حفظه الله وأدام عزه ومجده.
إذا دعا إلى درس أصغت إليه الحشود، كأنما تراك في مشهد منىً أو عرفة؛ وإذا تكلم بنُصحٍ ساد السكون و اندحرت الفتنة؛ وإذا قال صدق، وإذا أمر أطيع، وإذا حشد فلا يخذله جنوده، ولا تكذبه وفوده.
هو إمام المستضعفين، وهو بقية الصالحين، قوي بلا سلطان، كثير بلا مال، مورود بلا أحزاب، مطاع بلا شنآن ولا إعلام.
هؤلاء الذين يهاجمونه، ويلمزون فيه، كتبهم الله في الأذلين، هم مُبْلِسُون لا يعرفون دور الإمام والداعية في الحفاظ على سطوع كلمة الحق، وفي السكينة والسلم الاجتماعي في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وفي العالم بأسره.
والفروق كثيرة بين دعوته ودعاويهم؛ فالدين لدى الشيخ هو الدين الواصب، أمًا هم فيتاجرون بالدين، يحسبونه دين الدكان أو دين الأصنام" فهل كان محمد الشيخ ساجدا لله في البيت الحرام؛ حين تعاورت أقلام حزبه الشيخ - حفظه الله- في المؤتمر الماضي، حين لم يقم لعزف النشيد، أم أنه كان يشاركهم ذات الرؤية؟ أم أنه حين يتعلق الأمر بهامان السلطة ينضب حبره وتهرب منه اللغة والكلمات؟
في الجانب الآخر كتب بعضهم تلميحا لا تصريحا، وحاول أن يخفي وساوسه وحقده، لكن ألسنة اللهب لا يخمدها الهشيم، ولا تغطيها خرق القطن البالية، وما فتئ يقدم خطوة ويؤخر أخرى حتى تبن البغاث ضوء حريقه؛ فتهافت إليه مناصرا بالبذاءة والسفور، لكن متى بلغ السماء نباح الكلاب، ومتى غطى الشمس غربال.
كل ذلك وثنائية الاستغلال والتجاهل؛ تطبعان علاقة السلطة بالشيخ، بل وبعض الجهات الأخرى، دأبت على جعل الشيخ حفظه الله ورعاه دثارا دون انكشاف عوراتها، وجنة من سخط العامة عليها، وهو لعمر الحق حري بأن تستجن به المخاوف، وأن تستدر به المصالح والمكاسب، وأن يتشفع به ويشفع.
فإلى متى يبقى الشيخ حليا مكنونا، لا تمتد إليه يد؛ إلا حين يحتاج صاحبها زينة، أو حليا كان مكنونا، ليخفي تحت بريق وجهه الوضاء - ناصع البياض- بعض سواد كسبها، وآثار عاديات الأيام وتراكمات الممارسة والتسيير المذل.

تأملات عاطل