الحقيقة / نواكشوط / في ضحى يوم السبت الموافق 2023/03/11 أعلن عن وفاة أحد رموز الوطن بصورة عامة ومجتمعنا ومقاطعتنا بشكل خاص - المغفور له بإذن الله - الوالد محمد غالي ولد الب ولد عبدي ولد أجيد، بعد مسيرة مليئة بالعطاء والمثابرة في خدمة الوطن، بدأها الراحل بالإدارة الإقليمية التي تدرج فيها من حاكم إلي والي، وبعد ذلك مثل بلاده ضمن بعثاتها الدبلوماسية سفيرا فوق العادة وكامل الصلاحيات.
بعد أستفادته من حقه في التقاعد كان المرحوم ضمن الوجوه البارزة في مشهد السياسة في مقاطعة جكني، فتم اختياره أول عمدة في نهاية الثمانينات لبلدية جكني قبل إقرار دستور 1991.
وبعد إقرار الديمقراطية تم اختياره عمدة لبلدية جكني على دورتين الأولى 2001 والثانية 2006.
لقد عرفت المرحوم عن قرب خلال انتخابات 2001 البلدية والبرلمانية، حيث كنت آنذاك ضمن المستشارين البلدين عن حزب تكتل القوى الديمقراطية، وكان الراحل عمدة عن الحزب الجمهوري الديمقراطي الإجتماعي، فلم يكن يميز بيننا ونحن حينها ثلاثة مستشارين والبقية، فكان كثير الترحاب بنا وبمطالبنا وأفكارنا التي نطرحها عليه رغم أن الفترة كانت لا تسمح بذلك بحكم إقصاء المعارضة وتهميشها.
لقد عرف الراحل بالزهد في الدنيا والتحلي بقيم الكرم والأصالة وحب الخير للناس وقضاء حوائجهم، فكانت قصصه في ذلك شاهدة له طيلة مساره المهني، وحتى السياسي، حيث لا زالت هذه القصص تحكى من لدن عديد المواطنين، ومنها قصة طلاب موريتانيا في روسيا عندما تأخرت منحهم وتوجهوا إليه بمعاناتهم بوصفه سفيرا آنذاك في الإتحاد السوفيتي، وعندما ذكر له المتحدث باسمهم معاناتهم في عدم الحصول على الطعام فتأثر من ذلك وذهب بهم إلي منزله وقال كلمته المشهورة لزوجته أيعقل هذا يا بنت الأكارم، أبناء وطننا لا يجدون ما يسدون به رمقهم ونحن نأكل ونشرب وننام، فكان منزله العامر سكنا لهم طيلة مأموريته هناك.
لم يكن المرحوم من أصحاب الجيوب، لأنه ببساطة لا يدخر ليومه الذي فيه أحرى غده.
رحم الله الوالد محمد غالي ولد الب الذي برحيله تكون مجموعة القيم الإجتماعية الأصيلة والكرم والبراءة والمثل الحميدة قد أفل نجم من نجومها، وتكون موريتانيا قد خسرت أحد أبناء التأسيس الذين خدموا الوطن في أحلك الظروف.
نعزي أهالينا في جكني وأنواكشوط، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا لله وإنا إليه راجعون.