السؤال: امرأة اشترطت في عقد النكاح: “لا سابقة ولا لاحقة”، ثم تزوج عليها زوجها فأخذت بشرطها، لكنه لم يقبل ذلك. وقد طلقها مرتين، وله منها بنتان، وهو الآن مريض طريح الفراش منذ حوالي سنة، وفقيرلاينفق على ابنتيه. فهي متضررة جدا، والأمر ملح -كما تقول-فأرجو منكم فتوى في هذه النازلة؟
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه
أما بعد: فإن هذا الشرط المعروف عند الناس: “لا سابقة ولا لاحقة” يكره ابتداء، ولا يلزم إذا وقع. وقد قال مالك: “أشرت على القاضي أن ينهى الناس عن ذلك وليس بلازم”، وقد قسم اللخمي وغيره . كما في التوضيح -الشرط إلى ثلاثة أقسام؛ جائز، ومكروه، ومختلف فيه:
الأول: أن يشترط ألا يضر بها في نفسها، ولا مالها، فهذا جائز، ويدخل في قوله تعالى:﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِۖ ﴾[النساء: 19]؛
الثاني: أن يشترط إسقاط ما له أن يفعله دون أن يعلقه بشيء؛ مثل أن لا يتزوج عليها، فهذا مكروه، وقال مالك: إنه باطل، وله أن يتزوج عليها، ويستحب الوفاء به، وقال ابن شهاب: يلزمه ذلك وهو أحسن؛ لما في الصحيحين: “إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج”؛
الثالث: أن يشترط إسقاط ما له أن يفعله ويعلق عليه تمليك، أو طلاق، فاختلف في ذلك؛ فقال مالك في الموازية: لا يحل الشرط ابتداء، فإن وقع الدخول مضى النكاح، ولزم الشرط.
وخلاصة الفتوى: أن هذا الشرط مكروه، وأن الوفاء به غير لازم؛ لأنه لم يرد في السؤال أنه علق عليه شيء، وأما نفقة البنات فإنها واجبة على الأب حتى يدخل بهن أزواج موسرون، ولا علاقة له ببقاء الزوجة في العصمة، أو خروجها منها. وأما الإضرار بها بعدم النفقة عليها، أو غيرها من حقوقها، فمرده إلى القاضي.
والعلم عند الله تعالى.