لماذا لم تشكل الحكومة وفدا لزيارة أحمين أعمر ؟ دداه الهادي

اثنين, 11/04/2024 - 01:50

يعاني العميد/ العمدة/ المستشار بجهة آدرار من آثار، وتبعات سقوط مفاجئ، ألزمه الفراش، وأبعده عن العمل، منذ أسبوع، مع توصية من الطبيب بأن يبقى طريح الفراش لأشهر.
وفي خضم ما دأبت عليه الدولة، والحكومات المتعاقبة، من دبلوماسية لائقة، ومحترمة، تمثل أبلغ قيم المجتمع مع خيرة أبنائه، وصفوة رجاله، حيث تؤدي الحكومة لهم زيارة مجاملة، ومؤازرة، فإن التساؤل يطرح بشدة حول زيارة متوقعة للعميد أحمين اعمر، الذي عرف كأحد أبرز وجوه السياسة، والمجتمع على مستوى آدرار، والوطن ككل، وكان من أكثر الساسة حنكة، وحكمة، إذ عهد إليه في مرحلة ما بعد الأحداث 1989 بدور كبير، في تطبيع العلاقات بين مكونات المجتمع، فأسس ورفاقه من وجهاء مجموعة قومية "إفلان" رابطة الأصالة والأخوة، التي شكلت نواةً لعمل سياسي وإداري كبير، أسهم في تكوين الكثير من القيادات الوطنية، التي أثرت إيجاباً في مسيرة تنمية الوطن، وأمدته بالكوادر والأطر، الذين ما زالوا حتى اليوم يمثلون صمام أمان لوطنهم، وحماية لأمتهم، وهم الآن في دفة قيادة الأمة، ومن "أصدقاء غزواني".
جمعت العميد علاقات قوية بجميع رؤساء الأحزاب، وقادة الرأي، من أول حزب سياسي بعد التعددية، RDU، إلى أحزاب العشرية، حيث "الإصلاح"، وكان صديقا لقادة الأمن، على اختلاف فتراتهم، وأزمنتهم في الواجهة، وبعدها.
كان أحمين اعمر ذا علاقة خاصة بالراحل الكاتب المؤثر المغفور له، المرحوم محمد يحظيه ول ابريد الليل، كما كان ذا علاقة قوية بالمرحوم محمد المصطفى ول بدر الدين، وغيرهما من سادة الرأي.
تولى العميد منصب عمدة أوجفت لمأموريتين متتاليتين، أصبح بموجبهما من أشهر العمد وطنيا، إذ ترأس فيما بعد رابطة عمد الشمال، واشتهر بالكرم مع الساكنة، والاستعداد المسبق للبذل، والقدرة على استيعاب الجميع، إذ أن موقفه الراسخ هو أن المرفق العمومي يكون مواليا للجميع، وصديقا ودودا للكل، لا يتحامل على أحد، ولا يسقط مجموعة من حساباته، نتيجة مواقفها أو أفكارها وآرائها.
في العشرية كان تشبيه العميد للرئيس بالحمار في بعض تصرفاته سببا لاستدعائه في الرئاسة، وتهديده، وشاعت القضية وذاعت لأبعد الحدود.
أحمين اعمر يعتبر مناضلا من طينة خاصة، إذ أن الوسائل لم تكن مطلبه يوما، ولا المنافع، ولم تثنه عن القيام بواجبه اتجاه الوطن نصحاً وتوجيهاً، وعملا وتنفيذا.
وتحتفظ الذاكرة في أوجفت لأحمين اعمر بتلك القدرة العجيبة على المبادرة، حتى في ظل الحصار المحكم على المقاطعة الأكثر تنوعا ثقافيا وأثنولوجيا قبليا في موريتانيا، إذ أطلّ أحمين اعمر يوما من أطار بمبادرة تاريخية تستهدف النوع، سابقة زمانها، حيث كون مع مطلع التسعينات 300 شابة على السكرتيريا، والبرمجة، في زمن خاص، حتى من ناحية التفكير، وكانت تلك المبادرة سببا لفتح الآفاق لكثيرات، ما زلن يعملن في الإدارة، وأصبحن نموذجا، وحملن لاحمين أعمر ذكرى طيبة.
ويأتي الدور لشق طريق تيفجار بوسائل خاصة، لم يتقاصر العميد دونها، ولم ينتظر العون والسند، وزاد بأن وفر الوسائل لزراعة مطرية موسمية على حسابه، وبمبادرة منه، لا ينساها السكان، ويفتؤون يذكرونها كعمل نوعي.
ومن أبرز مواقفه العجيبة بيانه الخاص بالاستعداد لاستقبال جثمان أسامه بن لادن، ودفنه في المقبرة اللمتونية بأوجفت، التي هي أكبر مقبرة لمتونية أثرية معروفة في موريتانيا، وجاء الموقف على ما يبدو في ظل تصميم الإدارة الأمريكية على رمي الجثمان في البحر، والتقاعس الدولي والعربي عن دفنه، بل حتى المطالبة به.
وقف العميد في مرحلة أخرى في وجه الإهمال، والرعونة، والمرض، فوقف أمام حمى الوادي المتصدع، فارضاً الأمر الواقع، واعتراف الجهات العليا بالوباء بعد وفاة 37 شخصاً، وبعد أن كادت الأمور تخرج عن السيطرة، لولا النضال المستميت للعميد، الذي كان سببا في توجيه الفرق الطبية لعين المكان، ومحاصرة الوباء، بالوقاية والعلاج.
ولأن أحمين أعمر هو ذلك المستشار المستدام منذ سنة 1987، ولأنه عميد محترم، وصاحب مواقف إنسانية خالدة، ومنافح عن قيم الحق، والكرامة، سواءً اتفقنا معه، أو اختلفنا فإننا نعتقد أن واجب حكومتنا الموقرة يقتضي زيارة خاصة له، في هذه المحنة العابرة، وتسجيل موقف إيجابي اتجاهه، والاستفادة من فكره المنهجي المستنير في قضايا التعايش السلمي، وروح المبادرة فيما ينفع الناس، ويمكث في الأرض.
يعتبر أحمين اعمر أن الرئيس محمد ول الشيخ الغزواني قدم الكثير لموريتانيا، ويفخر بانتمائه وأسرته ودوحته لمدينة أوجفت التاريخية، التي كانت من أهم روافد التاريخ والتمدن وطنيا، وفيها عاشت الطريقة الغظفية الشاذلية زهو حياتها، وأوج عطائها.
يرى أحمين أعمر في خضم التحولات الأخيرة في السياسة والإدارة أحقية الوزير الأول المختار ول أجاي بالمنصب، الذي يشغله حاليا، لأنه يمتلك فعلاً القدرة على الإنجاز، والتنفيذ، والفهم الصحيح الثاقب لمجريات الأمور، بل يذهب إلى أنه طوق نجاة في وجه جميع التحديات الراهنة، والمحتملة.