
كما أن فرنسا أرض الفرنسيين و روسيا أرض الروس و باكستان أرض الباك ، ستظل موريتانيا أرض المور و تظل البقية مجرد تفاصيل ، كما في كل دول العالم ..
و لا إكراه في الدين ، فكيف يكون في الانتماء الحضاري أو العرقي أو المزاجي : على من لا يحب الانتماء إلى أرض المور أن يختار من يكون !
و لكل بلد خصوصيته : ليس في موريتانيا أقليات و لا مكونات عرقية و إنما فيها إمارات و قبائل :
أكثر من 100 قبيلة ، بأصولها و فروعها و حواشيها و خصوصياتها ، لا يوجد في البلد من لا ينتمي إلى إحداها ، إلا إذا كان دخيلا ، متجنسا كان أو غير متجنس ..
و الفولان ليسوا سوى إحدى قبائل البلد و ليسوا حتى من أكبرها من حيث التعداد ؛ فهم أقل بكثير من تندغة و أقل بكثير من كنتة و أقل بكثير من لقلال (…)
ولا تتحدث أي صفحة من التاريخ عن إمارة للفولان في أرض المور و لا حتى عن أخرى لهم في أي من دول الجوار ، يمكن اعتبارهم امتدادا لها !!
بياض البشرة (و ما دونه من سُمرَة و شُهْبَة و حُمرَة…) في هذا البلد ، لا يخص من تطلقون عليهم عبارة "البيظان" دون غيرهم . و سوادها لا يخص أي "مكون" (حسب تعبيركم) دون غيره :
حوالي 60٪ من أشراف و أعيان "البيظان" و من أكثرهم أصالة ، تتجاوز بشرتهم السوادَ إلى السُحمة (ébène). و من الطبيعي جدا أن تكون إحصاءات خالي جالو جزءً من غث ساحة الغوغاء ، غير المُستكثر على جاهل مثله ..
مشكلة الفولان الممتدة من غينيا إلى جمهورية السودان لا تعنينا في شيء . و محاولات السنيغال و مالي التخلص من ورطتهم (الصامتة) ، من خلال إيجاد وطن لهم في موريتانيا لا تخفى على أحد و لن تنجح أبدًا .
و علينا أن لا نؤاخذ أهلنا (إفولان موريتانيا) بأخطاء الآخرين و أطماع الآخرين و أجنداتهم المكشوفة مثل عقولهم الصغيرة ..
لكن ، علينا أن نُخرجَ أي فولاني سينغالي أو مالي من أرضنا و أن نعلنها عاليا و أن نسحب أوراق أي متجنس منهم : هذه هي ردة الفعل الموازية لمشروعهم ، التي يجب أن نعلنها عاليا ..
طيلة تاريخ هذا البلد لم تحدث أي مواجهة بين قبيلة الفولان و أي قبيلة أخرى ، قبل دخول فولان السنيغال على وجه الخصوص ، إلى أرضنا و قد تبعهم الماليون في الفترة الأخيرة .
و علينا أن نوقف هذا الخطر و أن لا نستحي من إعلانه في كل مناسبة و في كل مكان ..
و من يعتبرون الأمير عبد الرحمن ولد اسويد أحمد زنجيا ، لا يسيؤون إليه في شيء ، فأكثر ما يفتخر به في حياته هي أمه "اتليله" ، لكنهم يسيؤون إلى أنفسهم بتبجحهم بجهل التاريخ و النبش عن عقدتهم في بحثهم عن ذاتهم بإسقاطاتهم المخجلة ..
و كما قال الزعيم مسعود ولد بلخير ذات مرة (ما معناه) ، يخطئ من يعتقد أنه يمنُّ على الحراطين بعروبتهم : العروبة انتماء حضاري أكبر من كل الأعراق و الأنساب و الألوان . و عروبة الحراطين تماما مثل البيظان ، من صنعهم و من اختيارهم …
و من حق أي حرطاني أو بيظاني أن يتمرد على العروبة . لكن ، ليس من حقه ادعاء تمثيل الحراطين أو البيظان في ما اختار لنفسه ..
و الحراطين ليسوا قبيلة و لا عشيرة ، تماما مثل البيظان ليسوا قبيلة و لا عشيرة ..
و الحراطين لا تعني الأرقاء السابقين و البيظان لا تعني الأسياد السابقين : لقد أدى احتلال الجهلة لواجهة المشهد السياسي في البلد إلى خلق قاموس مغالطات في غاية الخطورة و الانحراف ؛ عبارة بظاني ليست تعاليا و عبارة حرطاني ليست معرة . لقد شحنوا هذه التسميات بما فيهم من سوء لا بما فيها . و جعلوا كل حرطاني عبدا سابقا و كل بيظاني سيدا سابقا .
و لا أفهم لماذا يدينون تصرفات المنتصر (المحلي) و ينسون تصرفات المنتصر (المُستعمر) ، رغم أنها لا تقارن في بشاعتها و احتقارها للمجتمع ككل !؟
يجب أن تنتهي هذه اللعبة السمجة التي تتحول يوما بعد يوم إلى مأساة حقيقية ..
و حول المساواة في الفرص ، نحتاج إلى وقفة أخرى :
في السنيغال و كوت ديفوار و غامبيا و غينيا و مالي و آنغولا و السعودية و الإمارات و فرنسا و إسبانيا و تركيا (….) ، يوجد رجال أعمال من "البيظان" ، جلهم بدأ عاملا بسيطا (وگاف) في متجر لأحد أقاربه أو معارفه و أصبح من أثرياء ذلك البلد : هذا باعٌ في التجارة عند بعض قبائل البلد المعروفة بمهاراتها في المجال، تماما مثل باع قبيلة الفولان في تربية الأبقار ، ليس إلا .
هذا للرد على من يكررون أن جل رجال أعمال البلد من "البيظان" ، كما لو كانت مؤامرة من صنع النظام .. كما يصلح للرد على من يزايدون في موضوع هجرة الشباب إلى أمريكا : الهجرة ليست جديدة على الشباب الموريتاني . الجديد هنا هي الوجهة الأمريكية ؛ أكثر من مليون موريتاني مهاجرين بين دول العالم و هي حالة صحية ، اكتسبوا منها الخبرات و تكلموا لغات العالم و بنوا أنفسهم و ساهموا في أزمنة صعبة ، في إنعاش اقتصاد البلد ..
ما يجهله الكثيرون في هذا البلد هو أن 90 ٪ مما تسمونه فوضى هذا المجتمع ، ناتج في الحقيقة عن محاولات اختراق طموح و دهاء إنسان هذه الأرض لكل مستحيل ..
هذا شعب غريب الذكاء و الطموح ، أذهل المستعمر و حيَّرَ المغاربة و تجاوز أعلى قامات المشارقة و تفوق أبناؤه على نوابغ طلاب أعرق كليات العالم و ما زالت كل دول غرب إفريقيا حتى اليوم عاجزة عن الخروج من فرنك (CFA) بعد 52 عاما من التجربة الموريتانية التي كانوا يصفونها بالحماقة !؟
و بعد 66 سنة من الاستقلال ، لم يعد لأي مواطن متعلم أي عذر في عدم إتقان اللغة الرسمية للبلد .
و رفضُ البولار تعلم العربية و مطالبتهم بالتساوي في فرص التوظيف أحتقار لشعبنا و ازدراء بقوانينه و هويته : يجب أن يفهمها الجميع و أن يعي كل من يرفض تعلم اللغة الرسمية للبلد أنه هو من يحرم نفسه من المساواة في الفرص : حتى ولاة و حكام و قادة المستعمر كانوا يتكلمون العربية أو الحسانية أو يفهمونها على الأقل و كان كابولاني يتقن العربية ، فهل يعقل اليوم أن يكون في موريتانيا وزير أو والي أو حاكم أو سفير بأربع مترجمين (العربية و الوفية السونيكية…) !!
و إذا كان فرض اللغة الرسمية للبلد ضربة لمن تلقوا تعليمهم العالي باللغة الفرنسية ، فهي ضربة لـ"البيظان" لا للفولان (يجب تصحيح هذه المغالطة) ، فمن هم أعلام اللغة الفرنسية من الفولان في هذا البلد !؟
و أصغر نسبة فولان في دول المنطقة توجد في موريتانيا ، فلماذا يطلبون منها ما لا يستطيعون التنطق به في أي من الدول المجاورة !!؟؟
تقول السيدة كادياتا مالك جالو إنها ليست عربية و لا تقبل أن تفرض عليها العربية : هذا حقها الكامل ..
لكن ما تنساه كادياتا أننا نحن لسنا فرنسيين و لا نقبل أن تفرض علينا الفرنسية !!
يقول علماء الاجتماع إن أصعب ما في الحياة هو "شرح البديهيات" و الرد على أمثال كادياتا لا بد أن يهوى بك إلى قاع التفاهات ..
من يستطيع أن يرد على مطالب كادياتا بترسيم الفرنسية من دون الإساءة إليها من خلال تشخيص حالتها الفكرية المريضة !؟
كل تصدعات مجتمعنا اليوم ، تعود إلى محاولات فولان السنيغال المتمثلة في حركة افلام ، تحويل موريتانيا إلى أرض ميعاد للفولان ..
و كل مطالب هذه الحركة الإرهابية المدعومة من الخارج ، تعجيزية لأنها لا تريد أي حل ..
و كل من يتعاملون معها مثل الإخوان و إيرا ، حركات إرهابية ، تحركهم أيادي خارجية معادية للبلد ..
و الإخوان ليسوا حزب تواصل كما يعتقد الكثيرون ؛ الإخوان توسعة غامضة لحزب تواصل في اتجاه إيرا و افلام ، تَعْتبِرُ مؤسسات الحزب واجهة مُحترقة و توجهاته المعلنة وسيلة ذكية لمغالطة الأجهزة الأمنية..
أخطر أعضاء الإخوان يختبئون في حزب الدولة و أحزاب الأغلبية و صيدليات الموت ، لا في تواصل و لا في المساجد و لا المحاظر .
و أخطر أعضاء إيرا يختبئون في أهم مناصب الدولة و البرلمان و أجهزة الأمن ، كما أكدت ذلك الانتخابات الأخيرة و قبل الأخيرة ..
و قد بدأت السلطات مشكورة ، في الأسابيع الأخيرة ، تصحح ما دأبت الأنظمة عليه من أخطاء فادحة في العقود الماضية : لا توجد إساءة إلى الوطن أكبر من تقديم حثالة عملاء الموساد على قامات وطنية ، لا ينبغي أن تخرج الساحة السياسية لأي سبب ، من عيار الزعيم مسعود و الأمير بيجل و الشيخ الوفي أسغير ولد امبارك و المثقف المفوه ولد الزحاف …
هؤلاء هم من كان ينبغي أن نعتذر لهم قبل كل شيء ، لأن الأخطاء في حقهم عقوق للوطن و انحراف لمساره الآمن و تخبط في الأخطاء القاتلة ..
شكرا لكل من ساهموا في تصحيح هذا المسار
نعم ، هنا كان الاعتراف بالأخطاء فضيلة و التراجع عنها شجاعة .
شكرا لكم