تعاشروا كالأحباب وتعاملوا كالأجانب؟/ أحمد ولد الشيخ

ثلاثاء, 01/24/2017 - 23:38

قال محمد ولد عبد العزيز يوم 29 سبتمبر في قصر المؤتمرات بنواكشوط، خلال افتتاح “الحوار الوطني الشامل” بين النظام وجزء من المعارضة: “إن الاقتراحات والتوصيات التي تتطلب تعديلات دستورية ستقدم لتصويت الشعب عن طريق الاستفتاء”. وكرر ذلك، مرة أخرى، بعد ثلاثة أسابيع، في ختام هذا الحوار نفسه والذي “سيتم تطبيق خلاصاته الواضحة والشفافة، لأنها تنبع فقط من المصلحة العامة لجميع الشعب والأجيال القادمة. يوصي الاتفاق الأساسي بإلغاء مجلس الشيوخ، وهو خيار موضوعي قد يعارضه البعض، ولكن أي حزب، أو جماعة معينة، وبالأحرى أي فرد، ولو كان الرئيس لا يستطيع فرض رأيه على الشعب الموريتاني. وسيتم تنظيم استفتاء حول هذا الموضوع ولا يستطيع أي أحد أن يمنعه. سيكون الشعب وحده هو الحكم، لأن الدستور هو المرجع الوحيد في هذا المجال”. وفوق ذلك فقد اتفقا الطرفان لمشاركان في الحوار على إجراء الاستفتاء قبل نهاية عام 2016. وتعرفزن ما عقب ذلك، حيث انتهى العام دون أن يثير أي حد هذا الموضوع. مشاكل الميزانية؟ خطر رفض الشعب للمشروع ؟ أو كما توقعنا، عدم احترام الوعد المقطوع. جزء من الأمور الثلاثة بالتأكيد. ففي نهاية السنة، كانت خزائن الدولة خاوية ويكلف الاستفتاء ما بين مليار وملياري أوقية، دون أية إمكانية دعم خارجي لمشروع غير مفيد ومكلف في نفس الوقت. لا شيء يدل على أن السكان المتعبين من غلاء المعيشة والذين لم تعد تغريهم الشعارات الجوفاء سيقبلون جرهم في استفتاء ليس له أي انعكاس على حياتهم اليومية. والأدهى والأمر أن تغيير النشيد الوطني أو إضافة شريطين أحمرين إلى العلم هيهات لهما أن يحظيا بدعم المواطنين. ربما يكون ذلك هو ما سبب التغيير المفاجئ لموقف ولد عبد العزيز المصر على الرجوع عن  وعد كرره عدة مرات، كما رأينا. بل أنه وعد بأشياء كثيرة في الماضي إلى درجة أنه لا أحد يتذكرها الآن. أقسم لنا بجميع الأيمان أنه سينهي الفساد والزبونية  والمحسوبية وأن أي أحد لن يغتني مستقبلا على حساب ”المواطن العادي” وأنه لن يختار سوى أفضلنا ولن يقبل في معسكره المفسدين ولا المتزلفين، وباختصار أنه سيكون عادلا. وبعد ثماني سنوات ها هي النتيجة ولا تحتاج إلى أي تعليق.

 

ولتمهيد الطريق لهذا التحول المثير، حرصت الحكومة على استرضاء النواب: توزيع القطع الأرضية بشكل سخي تضاعف مقابلات الرئيس لأعضاء مجلس الشيوخ الذي سيتم حله وجمع الكل… قبل إطلاق القنبلة يوم 16 يناير: لقد تم إخبار النواب والشيوخ باختيار الطريق البرلماني لإجراء المراجعة الدستورية التي أوصى بها الحوار الوطني الشامل. تثار مشاكل سيولة قد تبرر هذا الخيار الذي لا يخلو من المخاطرة، حيث لا يفوت الشيوخ أية فرصة، على حدة، للتعبير عن رفضهم لإصلاح دستوري سيحيلهم إلى البطالة. وليس دعم النواب مضمون هو الآخر، اللهم إذا وجدت حيلة لتأطير التصويت وبالتالي ضمان نتائجه: “ما يهم في التصويت”، يقول ستالين، “ليس أولئك الذين يصوتون بل الذين يعتد بهم”. في روسيا، يمكن أن يعني ذلك “ماكرون يحسبون مبالغ الروبل.” وبالفرنسية، “تعاشروا كالأحباب وتعاملوا كالأجانب.” وما ذا باللغات الوطنية الموريتانية؟