لا يستحق هؤلاء الاحترام.. لا يستحق هذا النظام الذي لا يتقن غير الكذب و خلف الوعود و نكث العهود إلا أن يكسع على قفاه و يكنس بأميره و غفيره، رئيسه و وزيره، إلى مزبلة التاريخ..
إنها حكومة وزراءها ما بين عرقوب و مادر و ولد الجنبه.. كلما نبس منهم شخص ببنت شفة قتلت أختها، و كلما ملأت كذبتهم الأولى جِراباً أخلته الثانية..سمّاعون للكذب، قوّالون له، أكّالون للمال الحرام..
تصوروا أن الجنرال الأرعن (سموه رئيساً إن شئتم، أما أنا فلا اعترف بشرعية انقلابي).. تصورا كيف يصرّح لصحيفة إسبانية بعدم سعيه لمأمورية ثالثة، ثم يقطع الشك باليقين في الحفل الختامي لـ”حواره الشامل”، فيؤكد و إن بغطرسة و صلف أنه لا يسعى لمأمورية أخرى، لا يرى فيها صلاحاً للبلاد.. و كأنه سعى يوماً لما فيه صلاحها.. و لكننا صدّقناه، فـ”الكريم يُختَلَب”. ثم عاد فأصمّ الآذان بأنه لا يسعى لخلافة نفسه، و لا يخشى محاسبة إن غادر السلطة، فسيتركنا على بيضاءَ ليلها كنهارها، و سيعجز متتبعو عثراته أن ينقموا منه غير النزاهة و الاستقامة و حسن التسيير.. فصدقناه، و هو كذوب.
بعضهم اقترح مخالعته بغض الطرف عن جرائمه السياسية و الاقتصادية إن أخلى سبيل السلطة المغتصبة.. غير أنه أكد، تصريحاً لا تلويحاً، أنه سيغادرها بعد انتهاء مأموريته..
اليوم، يطالعنا ولد محم، و كأنْ قد مادت برأسه سَورَة الفودكا، متأنقاً كطاووس.. مزهوا بشعر رأسه المصبوغ كخوافي غراب.. ليقول لنا: إن الجنرال سيستمر بعد انتهاء مأموريته..!
كيف سيستمر إذن: سيغيّر الدستور.؟.. أم سينقلب على خيار الشعب.؟
و لم نكد نقصَع غلة تصريحات الحرباء ولد محم، حتى طالعنا الحُزُقّة يحي ولد حدمين بما يؤكد أباطيل ولد محم..
فمن الكاذب إذن: أهو الجنرال الانقلابي الذي أكد غيرما مرة أنه لن يسعى لمأمورية أخرى؟.. أم أن المُفتَري رئيس حزبه و وزيره الأول.؟.. و في كلتا الحالتين لا أحد منهم يستحق الاحترام:
– رئيسٌ يكذب على شعبه، و يعده و يمنيه غروراً.
– رئيس حزب حاكم، طالما تشدق بمبادئه “الإسلاموية” و قيمه العليا، التي يبدو أنها لم تكن راسخة، فلم تقاوم إغراءات السلطة و النفوذ.
– و وزير أول فاسد كالبيضة المتعفنة.. لا يحكّم ضميراً، و لا يراعي ذمة..
إنهم يتناقضون، و ينقضون غزلهم .. و يكذّب بعضهم بعضاً كشلة أطفال أغبياء.. فمن يتجرأ على النظر إليهم باحترام، و هم الذين يحتقرون أنفسهم في قرارات أنفسهم.. و يشعرون بالخزي و العار من روعاناتها و أدرانها.؟!
لا شك أن للجنرال الغبي خائنة أعين، فهو يقول لشعبه ما يوعز لوزيره الأول بنفيه .. يبرم بليلٍ ما ينقضه بالنهار..غير منتبهٍ لأنه إنما يسِرُّ حسواً في ارتغاء.. و أن رائحة أكاذيبه النتنة أزكمت الأنوف..
صدقوني، لا يمكن لولد محم و لا ولد حدمين اللذين تحركهما خيرة و بنت لمعيبس بريموت كونترولاتهما أن يخرجا عن طوع الجنرال الأرعن، فيصرحا بما لم يتلقيا أوامر به.
دعوهما، فإنهما مأموران.!
المهم أنه على المواطنين الموريتانيين أن يدركوا خطورة ما يبيّته الجنرالات لبلادهم.. و أن يتصدوا له برباطة جأش و مضاء عزم.. و أن يدركوا أن الجنرال إنما يعجم بذلك عيدانهم، فإن لانت لهم قناةٌ كسر كعوبها، و إن رزموا عيداناً من سنديان، تراجع و ولّى عن زحفه، و قدّم ولد محم و ولد حدمين قرباناً لآلهة غضبهم..
لكن أتراني أسمعت.؟!