هل اخطأتا هاتان الدولتان في حق الدول العربية ؟!! و بالتالي هل تتحملان جزءً كبيراً من ما تتعرض له الدول العربية من صراعات و انهيارات و أزمات و فوضى و تشرذم ؟!! ثم هل الآخرون مذنبون لأنهم اقوياء و يضعون نظريات استراتيجية محددة البرامج و السياسات و الأهداف و يعملون على تنفيذها و تحقيقها بجد و اجتهاد
أي المحيطين بِنَا لديهم نظرية شاملة يعملون و يتعاملون وفقها ، سواء الأمة الفارسية او الأمة التركية ، فهمًا أمتان مسلمتان في اغلبها ، و يبحثان عن مجال جيوسياسي يستوعب طموحمها على المستوى الدولي ، فلا يوجد امامهما سوى قيادة العالم الاسلامي .. فإيران وضعت نظرية استراتيجية شاملة هي ( نظرية ام القرى ) لتحقيق ذاتها .. و تركيا وضعت نظرية استراتيجية شاملة هي ( نظرية صفر مشاكل ) للغرض ذاته لانها قضت اكثر من عشرين سنة على عتبة الاتحاد الأوربي تتوسل الإنظمام له ، لكن دون جدوى رغم التوسلات و التنازلات التركية
و بالتالي كلتيهما صوبتا نظريهما الى المنطقة العربية ، فهي المنطقة الممهدة و المُهيئة جيوسياسياً للتغلغل و السيطرة .. فالعرب لم يتمكنوا من بناء دولتهم القومية او حتى فضائها ، و لم يستطيعوا تحقيق اي نوع من الشراكة الحقيقية فيما بينهم ، و من ثم لم يستطيعوا صياغة نظرية استراتيجية خاصة بهم حتى في الحد الأدنى من الأهداف ، و بالتالي تجاوزهم الزمن و وقعوا في المحضور السياسي حيث اعتقدت كل دولة انها تستطيع ان تحقق تنمية و كيان خاص بها بعيداً عن بقية الجسد العربي ، فالحقيقة الثابتة انه لايمكن لأي دولة عربية تستطيع بمفردها بناء وطن متكامل بعيداً عن بقية العرب .
و بالتالي وجدنا أنفسنا داخل دائرة العجز ، مما جر علينا عدوات مع محيطنا الإقليمي و مع بعضنا البعض و أصبحت سياساتنا مبنية على ردود الأفعال لاغير .. و مارسنا التدمير الذاتي و الانتحار الجماعي و الذي هو نتيجة حتمية للعجز و الوهم .. و في سياق عدم الاعتراف بالعجز ركبنا الوهم ...
و صورنا الوهم امجاداً و انتصاراً و شخوصاً و زعامات و بطولات و ثورات ... و مازلنا نُسَّوق الوهم بكل اشكاله و نعيش العجز بكل أنواعه .. ان ما نحن بحاجة اليه هو الوعي ثم الوعي بالذات و صياغة نظرية استراتيجية شاملة خاصة بِنَا نابعة منا تحقق لنا النهوض المنشود .. فلا تركيا و لا ايران مسؤلتان و لا حتى الغرب و العدو الصهيوني عن ما يحدث لنا ..
فالكل يعمل وفق نظرية المجال الحيوي و نظرية ملء الفراغ .. فليس من حقنا ان نلقي اللوم عما يحدث لنا على الآخرين ، بل يجب ان نواجه عجزنا و نقهره و نستنهض نفوسنا و نشحذ هِمَمنا و نسخر طاقاتنا و نوحد جهودنا من اجل صياغة نظرية استراتيجية شاملة متكاملة كبقية الامم لتكون لنا مكانتنا فوق الارض و تحت الشمس بجدارة و كرامة .. خلاصة القول : ( العاجزون يُسَّوِقون الوهم و القادرون يصنعون الحياة ) ... يتبع ان شاءالله بقلم / محمود الكتي