الحقيقة – انواكشوط – تناولت صحيفة الأخبار إنفو في عددها اليوم الأربعاء "أبرز المساهمين"في تفليس الشركة الوطنية للإيراد والتصدير "سونمكس"، والتي وصلت حافة الإفلاس قبل أشهر من إكمالها نصف قرن من العمل في مجال "خلق التوازن في سعر المواد الغذائية في السوق الموريتانية وكسر الاحتكار فيها".
وقال الصحيفة في تقريرها الذي يشكل الحلقة الأخيرة من سلسلة تقارير المؤسسة عن الشركة، إن خسائر الشركات خلال السنوات الأخيرة تتجاوز 20 مليار أوقية، وفقدتها الشركة عبر صفقات محدودة، كانت مجموعة أهل غده التجارية، وشركة لعمر ودودي أكبر المستفيدين منها، إلى جانب عدد من الشخصيات الأخرى، التي أورد التقرير أسماءه ، متوقفا مع بعض أدوارها، و"مساهمتها"، في "تفليس" الشركة.
وأشارت الصحيفة إلى اللجنة الوزارية التي أعلنت الحكومة سبتمبر الماضي عن تشكيلها، وتم تكليفها "بوضع خطة وطنية لمواجهة الجفاف"، في ظل تسجيل انخفاض في مستوى تهاطل الأمطار في مناطق واسعة من البلاد، معتبرة أن الوضع الطبيعي أن تكون الشركة الوطنية للإيراد والتصدير "سونمكس" العنوان الأبرز، والمساهم الأهم في مهام هذه اللجنة نظرا لتجربتها في هذا المجال، غير أن ما وصفتها بـ"الممارسات" و"التقنيات" الخاصة التي تعرضت لها خلال عقد من الزمن، جعلتها هي ذاتها موضع عمل لجنة حكومية أخرى مكلفة بـ"تقييم واقعها، واقتراح حلول للتعامل مع واقعها الاقتصادي الصعب".
وأكدت الصحيفة أن اللجنة الوزارية المكلفة بتقييم واقع شركة "للإيراد والتصدير"، وهي لا تستورد ولا تصدر، ستكون أمام "إرث ثقيل"، لشركة تواجه "وضعا ماليا صعبا"، وغير مسبوق في تاريخها، حيث أنشئت منذ ستينيات القرن الماضي، وحافظت على حضورها طيلة العقود الماضية، قبل أن تواجه خلال السنوات الأخيرة عمليات متنوعة طالت كل مجالات اختصاصاتها، وأفقدتها المليارات دفعة واحدة، كانت عناوين خسارتها الرئيسية هي "برنامج أمل"، و"شراء المنتوج الوطني من الأرز"، وعمليات الحصول على الأسمدة والمدخلات الزراعية، وكانت "آلام" سونمكس "آمالا" لعدد من النافذين الذين وجدوا فيها فرصتهم للحصول على المليارات من المال العام عبر تقنيات محكمة، وأساليب احترافية.
وسردت الصحيفة أسماء "المساهمين" في عملية التفليس، وهم – حسب التقرير – الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عبر "أوامر عليا" عديدة بدأت مبكرا عقب وصوله السلطة، وبموجبها تم بيع مخزون الشركة بنصف سعره للتجار، وبدأت العملية – حسب وثيقة موقعة من مدير سونمكس – يوم 24 ديسمبر 2008، إضافة لـ"أوامر أخرى"، أفقدت الشركة مئات الملايين من الأوقية.
كما كان ضمن قائمة المساهمين الوزير الأول مولاي ولد محمد الأغظف، والوزير الأول الحالي يحي ولد حدمين، ووزير التجارة السابق بمب ولد درمان، ووزير الاقتصاد والمالية الحالي المختار ولد اجاي.
وكان للمديرين المتعاقبين على الشركة منذ وصول ولد عبد العزيز للسلطة دورهم في تفليس الشركة من خلال المشاركة في كل العمليات التي تعرضت لها، وذلك بدرجات متفاوتة، وهم محفوظ ولد آكاط، والمرتجي ولد الوافي، ودب ولد زين، ومحمد الأمين ولد خطري.
وقامت مجموعة أهل غده التجارية "بمساهمة" كبيرة في جهود تفليس الشركة، إضافة لرجل الأعمال لعمر ولد ودادي، وصديقه "وشريكه" المدير التجاري لسونمكس محمد ولد اسبيعي، وامرأة الأعمال اغلانة بنت الغرابي، و"رجل الأعمال السعودي من أصل سوداني" عادل بدوي حسين.
وقدم التقرير تفاصيل عن "مساهمة" كل واحد من هؤلاء في الجهود التي وضعت الشركة على حافة الإفلاس، وأدت لخسارتها للمليارات.
ونقلت الصيحفة عن عارفين بكواليس الشركة، ومتابعين لتجربتها الطويلة تأكيدهم أنها رغم واقعها الاقتصادي الصعب، واستمرارها باتجاه المنحدر عدة سنوات، فأن مجرد وقف العمليات التي تتعرض لها، مع استعادتها لجزء من ممتلكاتها المنهوبة، ورفع قرار منع الاستيراد عنها كفيل باستعادتها لدورها، وببنائها على تجربة تمتد لعقود، وانتشار واسع في البلاد، وثقة معتبرة لدى عدد من شركائها الدوليين.
كما يرون أن شركة بحجمها لا ينبغي النظر إلى وضعها الاقتصادي الحالي مجردا من تاريخها الطويل في "تأمين السوق الموريتانية بالمواد الغذائية، وضمان توازن أسعارها في أصعب الظروف، وكسر احتكارها في مواجهة كبار التجار" أيام كانت منافستهم متاحة لها بشكل طبيعي، وقبل أن يتم تجييرها لصالحهم، وتحويلها إلى زبون دائم لديهم.