المرابط ! ذهبت يوم أمس لقرية الدوشلية رفقة اصدقاء أعزاء كثيرا ما حدثوني عن المرابط محنض بابا ولد آمين لدرجة جعلتني اتوق للتعرف عليه ومجالسته ولم لا الاستمداد منه !؟
وصلت القرية بعد صلاة العصر وتوقفنا امام بيت ابيض متواضع وزهيد تحفه هدأة غير معهودة بل قل سكينة نادرة ، يحيط بالبيت سور مسيج وقد زحفت على ركنه السنة خفيفة من كثبان رملية بضة لها ملمس حريري .
وقفت اشجار بسيطة على الزاوية الرملية فألقت ظلالها بحنو على اجزاءكبيرة من المكان الوادع الذي نصبت فيه خيمة بسيطة مفروشة بحصير وبطانية ووسائد ناعمة.
كل ما في داخل السياج نظيف ونقي بل يخال المرء ان هالة بلورية تغطي المكان وهي هالة شعورية سهلة الادراك لمن له دانق بصيرة.
استقبلنا رجل مؤدب متبتل وباسم ويبدو انه من اهل العلم والدراية في آن !
بعد حديث اقرب ما يكون للهمس والاشارة وقف الرجل ليخبر المرابط محنض بابه بقدومنا .
بعد لحظات تقدم نحونا رجل وقور خطواته بطيئة يضع لثماما على راسه وفمه ويلبس قميصا كبيرا أو شيئا غريبا اقرب ما يكون لقطعة قماش زهيد لفها بعناية..انه قميص او دراعة تشبه "دراعة شقة" لكنها ليست دراعة اذ لا جيب فيها.. وهي دراعة او قميص اقرب ما يكون للقصر فلا ذيول ولا فضفضة ولا رياء.. ومن تحت الدراعة تمكن رؤية جذع الرجل ملفوفا بقطعة قماش بيضاء تحل محل السروال !
جلس المرابط على الرمل قبالتي ووضع يده على "مقرج الوضوء" ورحب بنا كثيرا وراح يسألني عن اخبار محمدالزين ولد القاسم واحواله ..وعن المختار ولد بونا وعن الشيخ محمد الامين الشنقيطي وعن المرابط ولد احمد زيدان !
كلمات الرجل كخطواته مدروسة ومتسقة ويقتصد فيها كثيرا وتحمل بواطنها الكثير مما يفهم بالمستوى الثاني والثالث واعتقد انني فهمت حقيقة هذا العالم المسلم الهارب عن الدنيا واهلها !
ثم وقف الرجل وجلس على قمة الكثيب هناك حيث يستقبل على انفراد زواره وسرعان ماكنت معه احدثه واستمع منه !
حقيقة هذا الرجل واضحة متضحة وجلية وشفافة كالماء: انه رجل تخلص من كثافات المادة وأدرانها واقترب من الطاف الروح وأهوالها لذلك فهو متجهز للرحيل في اي لحظة بل أخاله يريد تسهيل ذلك فهو طاهر وعلى وضوء ويلبس كفنه !
بعبارة اخرى هذا الرجل يعيش على الحافة الموجودة بين عالمنا وعالم الذين راحوا ...وليس من راى كمن سمع ..ولعله راى ..ولعلي سمعت !
اللهم احفظه للمسلمين وانفعنا به !
من صفحة المحامي محمد أمين على فيسبوك