الحقيقة _أنواكشوط _بدأت المرحلة الأولى من تنفيذ مبادرة "إطعام مليار جائع حول العالم"، التي عقد من أجلها مؤتمر "إنسانية واحدة ضد الجوع"، برعاية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت.
نظم المؤتمر دولة الكويت بالشراكة مع "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" والأمم المتحدة في دولة الكويت (الإثنين -26 نوفمبر 2018)؛ بحضور الشيخ عبدالله بن بيه رئيس "مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي"، رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"و الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي، والدكتور حمزة يوسف نائب رئيس منتدى تعزيز السلم، والدكتور محمد مطر الكعبي أمين عام منتدى تعزيز السلم، وممثل أمير البلاد، فهد محمد محسن العفاسي، وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، و الدكتور عبدالله معتوق المعتوق عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، المستشار في الديوان الأميري، ورشيد خاركوف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، وحشد كبير من الجمعيات الخيرية، والمنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، المعنية بالأعمال الإنسانية في الشرق الأوسط والعالم عموماً.
وتوجه الشيخ عبدالله بن بيه في افتتاح المؤتمر بخالص الشكر وجميل الثناء إلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية). كما شكر معالي الدكتور عبد الله معتوق المعتوق على جهوده لإنجاح هذه المبادرة. مضيفاً: لقد كناّ معا في واشنطن بداية شهر فبراير الماضي(2018)، في تجمُّع كبير ضمّ قياديين من رجال العائلة الإبراهيمية في الولايات المتحدة، وبمشاركة كثير من محبي الخير من أبناء العائلة الإنسانية الكبرى، من سياسيين وأكادميين وفاعلين مجتمعيين. ولقد سعينا في مؤتمر واشنطن لإيقاظ النفوس واصغاء القلوب إلى دعوة السلام والتعاون في سبيل صياغة تحالف إنساني، يُستلهم من حلف الفضول، ويقوم على تفعيل القيم المتشركة، قيم العدل والرحمة والتآسي في المعيشة، التي أدَّى تجاهلها إلى ما هو مشاهد من المآسي الإنسانية، التي تدمي القلوب.
وقال الشيخ ابن بيه إن حلف الفضول الجديد، يستلهم القيم التي قام عليها حلف الفضول التاريخي، الذي استمد فرادته من كونه؛ لم يؤسس على ما هو معهود في ذلك العصر؛ من المشترك الديني أو الانتماء القبلي، وإنما تأسس على القيم والفضيلة. ولذلك زكاه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أُحِبُّ أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت؛ لأن الإسلام يزكي الفضيلة أيا كان مَصدرها، ومهما كان مُصدرها، وأيا كان منشئها أو منشؤها.
وتابع الشيخ عبدالله بن بيه: استلهاما لهذه الروح، روح حلف الفضول، حرصنا أن يكون من مخرجات مؤتمر واشنطن الدعوة إلى إطعام مليار جائع، من المعوزين من بني الإنسان، من دون تمييز بينهم بالدين أو العرق أو الوطن، وخاصة ضمن المجتمعات التي تعاني من أثر الحروب والصراعات الدموية.
وقال الشيخ ابن بيه إن تقارير الأمم المتحدة وهيئات الإغاثة الدولية والمنظمات الناشطة في العمل الإنساني، لا تزال تدقّ أجراس الخطر، وتصدع بحقيقة مؤلمة يكاد لا يصدقها العقل، حول أعداد البشر، الذين يموتون سنويا جراء المجاعة وسوء التغذية، ويكفي أن نعلم أنه في كلّ خمس ثوان يموت طفل من الجوع، فضلا عن مئات الملايين الذين لا يجدون ما يسدُّ رَمَقَهم أو يروي عطشهم.
وأكد أن هذا الواقع المرير ناشئ عن اختلالات بنيوية في منظومة الإنتاج والتوزيع في الاقتصاد العالمي، لِما أصاب هذه المنظومة من انفصام حادّ بين فلسفة الاقتصاد وروح الأخلاق، حيث سادت القيم المادية الخالية من كل قيم إلهية أو إنسانية نبيلة، وغدا الإنسان مخلوقا جسديا، يعيش لِذاته مستغرقا في لَذّاته، فلا نبل ولا كرم ولا إيثار ولا تضامن، ولا نظر في المآلات إلا مآلات الربح من دون روح، والثروة من دون رائحة، حيث استولى الشح على النفوس وهيمن الجشع على الأثرياء. وهذا هو ما يُلقي على عاتق رجال الدين مسؤوليةَ السعي من مواقعهم، انطلافا من دوائر تأثيرهم واهتمامهم؛ ليسهموا في استعادة الضمير الأخلاقي للإنسانية، الذي يُعيد الفاعليةَ لقيم الرّحمة والغوث، ويُرسي معاني التعاون والإحسان وفعل الخير، من خلال مبادرات، تتصف بالديمومة والتجدُّد، تجمع ولا تفرِّق، تنفع ولا تضر، تتّسق مع روح الأديان وتستجيب لحاجات الإنسان.
وأضاف الشيخ ابن بيه أننا في منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة منذ تأسيسه سنة 2014 في أبو ظبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، لم نزل نعتبر أن من أهم عناصر الارتكاز في رؤية المنتدى التأكيدَ على مِحورية المَدخل القِيميّ في تجديد الخطاب الديني واستعادة البعد الإنساني لهذا الخطاب، باسْتثمار ما تتيحه النصوص القطعية والمقاصد الكلية، من الأرضية الروحية الصلبة لإطلاق مبادرات ميدانية تعيد للدين طاقته الإيجابية، ليغدُوَ بلسما لجراح الإنسانية ودواء لمآسيها وسكينة تنزل على القلوب وحُبّا يَسْكُن في النُّفوس.
وختم ابن بيه كلمته، معتبراً أن هذه الدّعوة من صميم رسالة كافة الديانات السماوية والفلسفات الإنسانية، فكل النصوص المقدسة جاءت بدعوة الإنسان إلى الإنفاق والتصدّق والبذل ولو من إقتار وقيمة الإيثار. عبدالله المعتوق. وتحدث في الافتتاح الدكتور عبد الله معتوق المعتوق فقال إن المؤتمر يتصدى لقضية من أهم القضايا الإنسانية، وهي قضية الجوع، الذي يهدد حياة الملايين في بعض المجتمعات الإنسانية المعاصرة، وبخاصة منها، المجتمعات التي تشهد نزاعات عرقية وإثنية وحروب أهلية.
ونوه المعتوق إلى أن المؤتمر هو ترجمة لتوصيات مؤتمر واشنطن، الذي نظمه منتدى تعزيز السلم، حيث جرى إطلاق مؤسسة حلف الفضول، و"تعهدنا لفضيلة الشيخ ابن بيه بالعمل لتنفيذها على أحسن ما يكون؛ لأننا كنا واثقين من تجربة دولة الكويت الإنسانية، كما كنا واثقين من المؤسسات والجمعيات الأهلية في الكويت والمنطقة باستعدادها للاستجابة لهذه المبادرة الإنسانية.
وأوضح المعتوق أن ترجمة "مبادرة إطعام مليار جائع" تأتي على ثلاثة مستويات: أولاً: رغیف الخبز، والسلال الغذائیة، والمطابخ المركزیة، وتغذیة الطلبة والأیتام، والأطعمة المعلبة، والمكملات الغذائیة، وبنوك الطعام. ثانياً: التنمية المجتمعية، ويندرج في إطارها، تمكین المستفیدین من القروض المیسرة، والمشاریع الصغیرة، والتأھیل الحرفي، والمزارع الانتاجیة والزراعية.
ثالثاً: استصلاح الأراضي وتوفیر آلات الزراعة ومستلزماتھا، ومشاریع الري والسدود، ومحطات المیاه والخزانات والآبار، والصناعات الغذائیة.
كذلك تحدث الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، فوجه أسمى التحيات إلى سمو الأمير جابر الأحمد الصباح، ودولة الكويت وشعبها المعطاء. ملاحظاً أن ما حققته دولة الكويت في مجال العمل الإنساني وما أكتسبته من خبرات جعلها تستحق لقب مركز العمل الانساني، وجعل أميرها قائداً للعمل الإنساني، حسبما كرمته الأمم المتحدة، على دوره المشهود في مد يد العون للمحتاجين حول العالم. ونوه الزياني بجهود الأمم المتحدة، التي تندرج في إطار خطة القضاء التام على الجوع في العالم. داعيا لمعالجة العوامل المسببة للجوع، مثل: الفقر وانعدام التنمية والحروب الأهلية، ما يستدعي تدخل المجتمع الدولي لتخفيف المعاناة عما يزيد 21 مليون إنسان مهددون بخطر الموت جوعاً. فضلاً عن نحو 800 مليون شخص لا يجدون ما يفيهم من الغذاء.
وأضاف الزياني أن دول مجلس التعاون الخليجي تبذل جهوداً مخلصة في دعم وتعزيز العمل الإنساني، وخاصة لجهة توفير المشاريخ المتخصصة في تنفيذ برامج ومشاريع تهتم بالإنسان على كل المستويات الصحية والغذائية. كما أن الجمعيات الخيرية في دول مجلس التعاون تكتسب خبرات كبيرة في مساعدة المعوزين وتحسين شروط حياتهم.
إلى ذلك توجه رشيد خاركوف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، بالشكر إلى معالي الشيخ عبدالله بن بيه رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" على جهوده الملحوظة دولياً في تعزيز السلم العالمي. ومثياً على مبادراته الإنسانية الرائعة، التي تندرج في إطار محاربة الجوع. وهو جهد تثاقل به المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة؛ بسبب ازدياد عدد الجائعين والمشردين حول العالم؛ جراء الحروب والنزاعات، التي تزايدت وتيرتها في العقود الأخيرة.
وفي الختام جرى تكريم الشيخ عبدالله بن بيه رئيس"مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي"، رئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" على دوره المشهود في ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز السلم العالمي، وعلى مبادراته الإنسانية، التي تستعيد إحياء القيم الأخلاقية، التي تتسق مع روح الأديان وتستجيب لحاجات الإنسان في كل زمان أو مكان.
كما جرى تكريم نخبة من الشخصيات وممثلي المؤسسات الخيرية الإنسانية، العاملة في إطار مد يد العون للمحتاجين حول العالم، من دون تمييز بين الأعراق والأديان أو الأوطان.